قال ابن فارس :(الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدل على بيان شيء وإيضاحه. من ذلك: الفَسْرُ، يقال: فَسَرْت الشيء وفسَّرته).
وقد اختلف في مادة اشتقاقه على أقوال:
الأول: أنه مأخوذ من (التَّفْسِرَة)، وهو نَظَرُ الطبيب في بول المريض لمعرفة علته. قالوا: فكذلك المفسر ينظر في الآية لاستخراج حكمها ومعناها. وممن اختار هذا القول: الزركشي، وصديق حسن خان –رحمهما الله تعالى- والحقيقة أن نظر الطبيب هذا مأخوذ من الفَسْر كما في (الصحاح) مادة: فسر (٢/٧٨١)، و(اللسان) مادة: فسر (٢/١٠٩٥)، و(القاموس) مادة: الفسر/ (ص: ٥٨٧)، وانظر شرحه: (تاج العروس) (٣/٤٧٠).
قال ابن فاس: (وأما اشتقاقه فمن الفسر). ثم ساق بسنده إلى الخليل قال: (الفسر: البيان، واشتقاقه من فَسْر الطبيب للماء: إذا نظر إليه، ويقال لذلك: التفسرة أيضاً). وقال في (معجم المقاييس) :(الفَسْر والتفسرة: نظر الطبيب إلى الماء وحكمه فيه). ونقل الأزهري عن الليث: (وكل شيءٍ يُعرف به تَعَرُّف تفسير الشيء ومعناه؛ فهو: تفسرته). وأما الجوهري؛ فقد عدَّ (التفسرة) من المُوَلَّد.
الثاني: أنه تفعيل من الفسر، الذي هو البيان والكشف، وظاهر صنيع ابن فاس،
الصحابي، والأزهري، والجوهري، وابن منظور، والفيروز أبادي والسيوطي، يشعر باختيارهم هذا القول. وهو الراجح. والله أعلم الثالث: أنه مأخوذ من قول العرب: (فسرت الفرس، فسّرته). أي: أجريته وأعديته إذا كان به حُصْر ليستطلق بطنه. وكأن المفسر –على هذا المعنى- يجري فرس فكره في ميادين المعاني ليستخرج شرح الآية وَيحُل عقْد إشكالها. قال الألوسي: (ولعله يرجع لمعنى الكشف كما لا يخفى، بل كل تصاريف حروفه لا تخلو عن ذلك كما هو ظاهر لمن أمعن النظر). ولا يخفى أن هذه المعاني الثلاثة متقاربة؛ أما الأول والثاني: فظاهر أنهما يرجعان إلى معنى واحد.


الصفحة التالية
Icon