ولذا تعظم المصيبة بفقدهم، وتَعُم الرزية بموتهم. قال ابن مسعود: (موت العالم ثُلْمَةٌ في الإسلام، لا يسدها شيء ما طرد الليل والنهار). وروي مرفوعا بلفظ: (إذا مات العالم انثلم في الإسلام ثُلمة، لا يسدُّها شيء إلى يوم القيامة) قال حماد بن زيد: (كان أيوب يبلغه موت الفتى من أصحاب الحديث فيُرى ذلك فيه، ويبلغه موت الرجل يذكر بعبادة فما يرى ذلك فيه). وقال أيوب: ( إِنِّي أُخْبَرُ بموت الرجل من أهل السنة فكَأَنِّي أفقد بعض أعضائي). وقال أيضاً: (إن الذين يتمنون موت أهل السنة يريدون أن يطْفِئُوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون). ولما مات زيد بن ثابت قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يا هؤلاء من سره أن يعلم كيف ذهب العلم، فهكذا ذهاب العلم، وأيم الله لقد ذهب اليوم علمٌ كثير، يموت الرجل الذي يعلم الشيء لا يعلمه غيره، فيذهب ما كان معه -ويشير إلى قبر زيد ويقول:- لقد دفن اليوم علمٌ كثير) وقال أيضاً: (أَتَدرون ما ذهاب العلم؟ قلنا : لا، قال: ذهاب العلماء ولا يزال عالمٌ يموت، وأثر للحق يَدْرس حتى يكثر أهل الجهل وقد ذهب أهل العلم فيعْملون بالجهل ويدينون بغير الحق ويَضِلون عن سواء السبيل). قال هلال بن خباب: سألت سعيد بن جبير قلت: (يا أبا عبد الله ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا هلك علماؤهم). ولذا عظمت المصيبة بفقدهم، وعمت الرزية بموتهم
تعلّم ما الرزية فَقْدُ مَالٍ ** ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فَقْدُ حُرٍّ ** يموت بموته بشر كثير
وأرثى بيت قالته العرب. بيت عبدةَ بن الطيب:
فما كان قيسٌ هلكُه هلكَ واحِدٍ * ولكنه بنيانُ قَومٍ تَهَدَّمَا


الصفحة التالية
Icon