وبهذا يظهر التباين الواقع بين موضوعات الفنون الثلاثة، مع وجود قدر من التداخل بينها لا ينكر، بحيث إنك تجد ضمن قواعد الأصول وقواعد التفسير قدراً من المواد المستمدة من اللغة وأصولها. كما تجد قدراً من قواعد الأصول تدخل في قواعد التفسير والعكس. ومعلوم أن علم الأصول وعلم قواعد التفسير وكذا (علوم القرآن) حسب اصطلاح المتأخر هي علوم مركبة من فنون عدة؛ فعلم الأصول مستمد من الكتاب والسنة والعقيدة (وهي راجعة إلى الكتاب والسنة)، واللغة، إضافة إلى فهم السلف الصالح وتصور الأحكام. وهي (أصول الفقه) تشرح مصادر التشريع والاستدلال سواء المتفق عليه منها أو المختلف فيه. فالكلام فيها عن الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستصحاب وشرع من قبلنا، وقول الصاحب، والمصالح المرسلة... وهكذا، مع الكلام على أحوال الناظرين في تلك الأدلة والمؤهلات التي يحتاجون إليها (أبواب الاجتهاد والتقليد). وعند النظر في مثل هذه الموضوعات نجد أن الذي له تعلق بقواعد التفسير: بعضها لا كلها، وأهم ما يدخل منها في قواعد التفسير: الكلام على المصدر الأول الذي هو الكتاب، مع وجود قدر من التداخل غير قليل بين القواعد في التفسير وبين ما يذكر في الأصول من عوارض الألفاظ، كالخصوص والعموم، والإجمال والبيان... الخ. إضافة إلى وجود شيء من التداخل - أيضاً - بين قواعد التفسير وأبواب التعارض والترجيح في أصول الفقه. لكن أهل الأصول يذكرون أشياء كثيرة في هذه الأبواب لا مدخل لها في القواعد، بله يُحتاج إليها في أصول الفقه أصلا. ثم إن ما يصلح أن يكون قواعد لتفسير كتاب الله منثور بين تفاصيل طويلة في تلك الأبواب.
؟ المبحث الثالث: مفهوم الكليات وأثرها في التقعيد


الصفحة التالية
Icon