٣- وقال السعدي في معرض كلامه على كتب شيخ الإسلام: (ومن أعظم ما فاقت به غيرها وأهمِّه وتفردت على سواها: أن مؤلفها –رحمه الله- يعتني غاية الاعتناء بالتنبيه على القواعد الكلية، والأصول الجامعة، والضوابط المحلية في كل فن من الفنون التي تكلم بها. ومعلوم أن الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساس للبنيان، والأصول للأشجار، لا ثبات لها إلا بها، والأصول تبنى عليها الفروع، والفروع تثبت وتتقوى بالأصول، وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى، وينمي نماء مطرداً، وبها تُعرف مآخذ الأصول، وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيراً). (طريق الوصول للسعدى ص٤). وقال في موضع آخر: (من محاسن الشريعة وكمالها وجمالها وجلالها: أن أحكامها الأصولية والفروعية، والعبادات والمعاملات، وأمورها كلها لها أصول وقواعد تضبط أحكامها وتجمع متفرقاتها، وتنشر فروعها، وتردها إلى أصولها. فهي مبنية على الحكمة والصلاح، والهدى والرحمة، والخير والعدل، ونفي أضداد ذلك). انظر: (الرياض الناضرة) للسعدي ضمن (المجموعة الكاملة ١/٥٢٢). وبعد هذا يمكن أن يقال: إن قواعد التفسير تتبين أهميتها مما مضى من الكلام على أهمية القواعد عموماً. هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ فإن أهميتها تعرف من أهمية موضوعها وهو القرآن الكريم، إذْ هو أصل العلوم وفيه خير العاجل والآجل. فإذا فهمه العبد فهماً صحيحاً حاز علماً عظيماً لا يدانيه علم البتة. ولذا كان الرجل إذ حفظ سورة البقرة وآل عمران يعظم في أعين الصحابة. ومن سمات هذا القرآن الكريم: أنه يعبر فيه بالألفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة، كما أن عجائبه لا تنقضي، ولا يحيط بجميع معانيه إلا الله عز وجل. قال الزركشي رحمه الله: (ومعلوم أن تفسيرهُ يكون بعضه من قبيل بسط الألفاظ الوجيزة، وكشف معانيها، وبعضه من قبيل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض لبلاغته ولطف معانيه، ولهذا لا يستغني عن قانون عام يُعَوَّلُ في تفسيره


الصفحة التالية
Icon