الأول: من جهة كونها مفرقة ومتناثرة في مصادرها التي تسْتمد منها. فالكلام فيها هو الكلام عن نشأة بعض العلوم وتطورها كأصول الفقه، وعلوم القرآن، وعلوم اللغة.. وهذا بالطبع ليس هو المقصود هنا.
الوجه الثاني: نشأتها كفن مستقل مدون (حسب المصطلح الخاص به)، وهذا بعد التتبع لم أقف فيه على القدر الذي يتناسب مع ما له من أهمية، وإنما وقفت في بعض الفهارس على ثلاثة كتب معنونة بـ:(قواعد التفسير)، أو ما يقارب هذه العبارة، وكانت سنة وفاة أحد مؤلفيها (٦٢١هـ) وتوفي الآخر سنة (٧٧٧هـ). هذا مع أن موضوعاتها قد لا تكون فيما نحن فيه...
كما توجد بعض الكتب المعاصرة ذات العناوين المشابهة أو المطابقة -ظاهراً- للموضوع بغض النظر عن مضمونها.
الحاصل: إن هذا لم يتوفر لدينا مؤلفات مستقلة به، فلا يمكن أن نفصل الحديث عن نشأته. لكن يمكن أن نقول: إن بواكير هذا العلم قد ظهرت في العهد النبوي على يد أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، ثم على يد أئمة التفسير من بعد النبي r من الصحابة والتابعين –رضي الله عنهم أجمعين، فكانت نشأة قواعد التفسير مواكبة لنشأة علم التفسير، إلا أنها كانت متفرقة ومنثورة ضمن كتب التفسير، ثم ازدادت بازدياد كتب التفسير.
وفي القرن الثاني الهجري دخلت قواعد التفسير طوراً جديداً، إذ ظهرت جملة منها مدونة في أول كتاب ظهر في أصول الفقه وهو: (الرسالة) للإمام الشافعي رحمه الله، وكذا كتاب (أحكام لقرآن) له أيضاً.
وفي القرن الثالث والرابع اتسع نطاق التدوين لقواعد التفسير في كتب التفسير والأصول، واللغة. كـ(تأويل مشكل القرآن) لابن قتيبة، وكتاب (جامع البيان) للإمام الطبري، و(أحكام القرآن) للطحاوي، و(أحكام القرآن) للجصاص، و(الصاحبي) لابن فارس.


الصفحة التالية
Icon