اليوم، وأخيلة اليوم حقائق الغد، وحسب الكتب السماوية أن تضع أيدينا على طرف الحبل ! ص _١٠٣
وعلينا بعد ذلك تمام البحث.. ومن أنكر ذلك من المستشرقين فهو متجن على العلم، فليس توقف العقل على حكم دليلاً على الاستحالة " لو قال ذلك لكان محقًّا، وكان جامعًا بين تحليل العالم العصري واعتقاد المؤمن القوي، ولما ثار به الناس وثار هو كذلك بالناس. وهذا الكاتب الجديد صاحب رسالة القصص الفني في القرآن، التي لم تظهر للناس بعد؛ وإنما ظهر منها طرف تناولته الصحف، نحا هذا النحو، ولكن في واد أدنى متصل بالتاريخ. فهو يريد أن يقول: إن رعاية الناحية الفنية عند الأديب المجرد لا تستلزم صدق الرواية ولا صحة الواقعة، وهذا حق، بل إنه كثيرًا ما يتجلى فن الأديب في المبتكر من الحوادث والمتخيل من الروايات أكثر مما يتجلى في رواية الوقائع الصادقة الحقة، بصرف النظر عما يقوله المربون وعلماء النفس في خطر هذا الأسلوب على التكوين الفكري والنفساني للأشخاص. ثم هو يريد بعد هذا أن يجرد من نفسه أديبًا بعيدًا عن كل اعتبار آخر، ويجرد من القرآن كتاب أدب بعيدًا عن كل اعتبار آخر كذلك، وينظر فيه على هذا الأسلوب بصرف النظر عن صدق هذه القصص ومطابقتها للواقع والتاريخ أو مخالفتها لذلك كله. ولو قال إنه يتخذ هذا البحث وسيلة إلى إثبات سمو الناحية الفنية في كتاب الله وعمقها، وإنه كمؤمن بالقرآن الكريم يصدق بأن هذه الوقائع جميعًا لابد أن تكون حقائق تاريخية، وذلك مما يزيد في روعة التصوير ودقة الفن، ولا عجب فهو " صنع الله الذي أتقن كل شيء ". لو قال هذا لاستراح وأراح، ونفى عن نفسه وعن الذين يقرأون له لوثات الزيغ والضلال. وقل مثل ذلك في مثل هذه المناحي جميعًا. ص _١٠٤


الصفحة التالية
Icon