والمنكرون من هذا النوع لا يطعنون في التأثير النفساني للقرآن الكريم، كما أن العميان لا يطعنون في قيمة الأشعة. ولذا يقول الله عز وجل: " الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد". وتصريف الأمثال للناس ترديدهم بين صنوف المعاني الرائعة... قال العلماء في شرح الآية: " ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ". رددنا وكررنا من كل معنى كالمثل في غرابته وحسنه، أو سقنا لهم وجوه العبر والأحكام والوعد والوعيد، والقصص وغير ذلك. والمقصود أن القرآن يملك على الإنسان نفسه بالوسيلة الوحيدة التي تقهر تفوقه في الجدل، أي بتقديم الدليل المفحم لكل شبهة، وتسليط البرهان القاهر على كل حجة. فالنكوص عن الإيمان بعد قراءة القرآن يكون كفرًا عن تجاهل لا عن جهل. ومن تقصير لا عن قصور... والجدل آفة نفسية وعقلية معًا، والنشاط الذهني للمجادل يمده حراك نفسي خفي قلما يهدأ بسهولة. وجماهير البشر لديها من أسباب الجدل ما يفوق الحصر، ذلك أنهم يرتبطون بما ألفوا أنفسهم عليه من أديان وآراء ومذاهب ارتباطًا شديدًا، ويصعب عليهم الإحساس بأنهم وآباءهم كانوا في ضلال- مثلاً- فإذا جاءت رسالة عامة تمزق الغشاوات عن العيون، وتكشف للناس ما لم يكونوا يعرفون. فلا تستغربن ما تلقى من الإنكار والتوقف، أو التكذيب والمعارضة. ص _١٠٧


الصفحة التالية
Icon