وقبل أن نذكر نماذج الرد المحكم الذي أفرغ القرآن فيه أوصاف الكون، ومشاهد الطبيعة، وقوى العالم، نحب أن نذكر طبيعة الصلة بين العلم والدين، أو بين آيات الله فى كتابه الكريم وآياته في هذا الكون العظيم... وذلك نقلاً عن كتاب " سنن الله الكونية " للدكتور العالم محمد أحمد الغمراوي... قال: ".. بعد شرح للمسالك التي يتأدى بها العالم إلى نتائجه- رأيت مثلاً من طريقة العلم في تعرف أسرار الفطرة، والاهتداء إلى سنن الله في الكون، وتبينت كيف أن هذه الطريقة تضمن الوصول إلى الحق في القريب أو البعيد، وإن استعانت على ذلك بفرض الفروض. لكن لا خوف قط على الحقيقة من هذه الفروض ما دام العلم يطبق فروضه حتى على الواقع، ويمحصها بالتجربة والاختبار. فهذه الطريقة في الواقع هي طريقة العلم في الاجتهاد، وبينها وبين طريقة اجتهاد المجتهدين في الدين وجه شبه مهم هو: أن رجال العلم يستوحون الحقيقة من صنع الله، وعلماء الدين يستوحون الحقيقة من كلام الله وحديث رسوله. فكل في الحقيقة مرجعه إلى الله، وإن لم يصل رجال العلم بعد إلى الله. وكل فى حكم الدين نفسه مرجعه إلى الله، إذ أن هذه الحقائق الطبيعية التي يكشف عنها العلم ببحوثه إن هي إلا نوع من كلمات الله، أو هي كلمات الله الواقعة النافذة، كما أن آيات القرآن هي كلمات الله الصادقة المنزلة. ولقد سمى القرآن حقائق أسرار الخلق كلمات الله مثل قوله تعالى: " ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ". " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ". ص _١١٥


الصفحة التالية
Icon