وكلمات الله في هاتين الآيتين الكريمتين لا يمكن أن تكون كلماته المنزلة على رسله لأن كلماته سبحانه في كتبه المنزلة محصورة محدودة في حين أن كلماته المشار إليها في هاتين الآيتين لا حصر لها ولا نهاية. فلابد أن تكون هي كلماته النافذة في خلقه، والتي يبدو أثرها متجسمًا فيما يشاهد من الحوادث، وفيما يكشف العلم من أسرار الكون. فالإسلام متسع للعلم كله.. حقائقه وفروضه، والمجتهد مثاب أخطأ أم أصاب، ما دام يريد وجه الحق، و إن كان العلم لا يعرف إلى الآن أن سبيل الحق من سبيل الله ". أ. هـ وهذا الكلام يحتاج إلى أمثله تشرح غوامضه وتكشف خوافيه. ما مظهر الوفاق بين آيات القرآن وأسرار الكون اليى أطلعنا العلم عليها في هذا الزمان؟ وأين مصداق ما تلاه محمد ﷺ على الناس منذ أربعة عشر قرنًا، فكان سبقه به دليلاً على أنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى ؟ لقد ذكر الدكتور العالم أمثلة شتى تلمحها وهو يصف بدقة حقائق الطبيعة، ثم يسوق بعدها الآيات القرآنية فإذا هي منطوية على هذه الأوصاف أو متجاوبة معها... " وكما سخر الله سبحانه الجاذبية للإنسان في إجراء الأنهار تسير الهوينى أو غير الهوينى إلى سطح البحر، سخرها له أيضًا في كبح جماح البحر، ومنعه أن يطغى بمائة الأجاج على النهر أو على اليابسة، فهي دائمًا تحبسه في مستقره الذي هو كما قلنا من قبل أعمق مواطن سطح الأرض. فالبحر لا يستطيع أن يفارق مستقره ذلك إلا بقوة أخرى تغلب قوة الجاذبية، وهيهات، فكأنما البحر ملجم بالجاذبية أن يهجم على اليابسة من الأرض، كلما هم بالهجوم بفعل المد، أو الريح، أو حركة الأرض، جذبته قدرة الله بلجام الجاذبية من خلف. فيعود إلى موطنه الذي كتب عليه أن يبقى مقيدًا فيه. ولقد من الله سبحانه على الإنسان بهذا حين من عليه بحجزه بين البحرين، أو بين البحر والنهر فى قوله: ص _١١٦


الصفحة التالية
Icon