" وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا " وليس ذلك البرزخ- والله أعلم- إلا ارتفاع ما بين سطح البحر وسطح اليابسة التي يجري فيها النهر. وليس ذلك الحجر المحجور- والله أعلم- إلا الجاذبية بين البحر ومركز الأرض وحبسها البحر في موطنه. ولقد من الله على الإنسان بذلك مرة أخرى، وعاب عليه، وعجب منه، كيف يشرك مع الله إلها آخر رغم ذلك الإبداع في قوله سبحانه: " أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ". فتفهم هذه الآية الكريمة في ضوء ما ذكرناه لك. وتأمل تعقيبه سبحانه بقوله: " بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ" تعلم أن ذلك العلم من هذا الدين، وأن هذا القرآن لم يأت إلا من خالق الفطرة، وأنه لا غنى للمسلم عن علم الفطرة إن كان يريد حقًّا أن يفهم شيئًا من سر الآيات الكونية في القرآن. أهمية الجاذبية في السماء: على أن أهمية الجاذبية في الكون أعظم من هذا بكثير، فإن الجاذبية كما قد عرفنا ليست بين الأرض وما عليها فقط. بل بين الأرض وما عداها من الكواكب، ثم هي أيضًا بين كل كوكب وما عداه. فكل كوكب في ملكوت الله يجذب كل كوكب آخر طبق سنة الجاذبية السابق ذكرها، أي بقوة تتناسب مع حاصل ضرب كتلتي الكوكبين مقسومًا على مربع المسافة بينهما، وناتج كل هذه القوى الواقعة على الكوكب قوة واحدة يمسكه الله بها في مداره أو فلكه، أو في موقعه الذي هو فيه إذا كان النجم من الثوابت. فالجاذبية إذن على قدر علم الإنسان إلى الآن، هي القوة التي يمسك الله بها سبحانه السموات والأرض في مواقعها التي قدرها لها، أو هذا إن شئت ما أدركه ص _١١٧


الصفحة التالية
Icon