الإنسان إلى الآن هو سر قوله تعالى: " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ". وفي قوله تعالى: " الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ". وما يشبهها من آيات القرآن الكريم، إشارة إلى قوى الجاذبية الخافية، التي هي بعد تقدير الله لها سبب بقاء أجرام السماء في أماكنها، ومداراتها المقدرة لها. فإنه إذا فهم من قوله تعالى " بغير عمد ترونها " أن السموات مرفوعة بعمد غير مرئية- كما هو ظاهر الآية- كانت تلك العمد غير المرئية هي قوى الجاذبية بين بعض الكواكب وبعض. لأن العمد المعروفة المادية تؤثر أثرها، وتحمل أحمالها، بإرساء قوى، أو ضغوط تساوي وتضاد ضغوط الأبنية عليها، كما هو صريح علم القوى. وكما يحصل بالضبط بين الكواكب المتجاذبة. فإذا عجزت العمد عن أن تكون ضغوطها المضادة لضغوط المحمولات عليها مساوية لهذه الضغوط، تكسرت الأعمدة والجدران، أو تشققت، ويكون البناء أقرب إلى التداعي بقدر ما بين ضغوط الأعمدة وضغوط الأحمال من فروق. في حالة الأعمدة وما تحمل يوجد تضاغط واتزان، كما أن هناك بين الأجرام السماوية تجاذبًا وتوازيًا، وإن اختلف مدى التوازن ونوعه في الحالين. وينبغي أن نتذكر أيضًا أن الأعمدة ضاغطة، وليست هي- بداهة- نفس الضغوط الخارجة منها، وأن هذه الضغوط المقاومة لثقل الأبنية غير مرئية و إن رأينا الضاغط من عمود أو جدار. كذلك قوى التجاذب بين أجرام السماء غير مرئية، و إن رأينا أجرام السماء. فالتعبير بالعمد غير المرئية عن القوى التي رفع الله بها السموات هو أدق تعبير، وأبلغه في الخطاب، يفهم كل منه بقدر ما رزقه الله من الفهم وتعلم. " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ". ص _١١٨


الصفحة التالية
Icon