ويتعبأ في الجو تعبئة الجيوش، يتفق مع ما يريد الله أن يخلقه من بين السحاب: من برق، وصواعق، ومن مطر أو برد. فإذا كان السحاب المتجاذب بعضه فوق بعض، نشأ السحاب الركام. وقد ذكرنا لك قبل ما وجدوه من أن عمق الركام في العواصف الرعدية يكون عظيمًا، فإذا حدث التفريغ داخل السحاب بين بعض تلك الطبقات وبعض- كما هو الغالب- نزل المطر الناشئ عن ذلك التفريغ من خلال الطبقات الدنيا، وتكبر قطراته أثناء نزولها بما تستلحقه من القطيرات، وهو الودق. فإذا بلغت الحالة الجوية الكهربائية في ذلك السحاب الركام من القوة ومن الاضطراب ما يسمح بوقوع تلك الظاهرة الغريبة، ظاهرة تردد بلورات الماء بين منطقتين، ثلجة علوية ومطرية سفلية، تكون البرد ونما حتى يصير أثقل من أن يظل في أسر تلك القوى، فيسقط على الأرض رحمة إن كان صغيرًا هينًا، ونقمة إن كان كبيرًا راجمًا. " فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء ". وليس يدري الإنسان كثيرًا عن الظروف التي يتكون فيها البرد، لكنه يدري أنها ظروف يسودها اضطراب جوي عظيم. هذا الاضطراب قد أشارت الآية إليه وإلى طبيعته إشارتين: الأولى: حين شبهت السحاب الركام الذي يتكون البرد داخله بالجبال. والثانية: حين أشارت إلى عظم القوى الكهربائية المشتركة في تكوينه بنصها على عظم برقه وشدته وبلوغه من الحرارة درجة الابيضاض أو ما فوق ذلك. " يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار" وهناك آية أخرى أشارت إلى الطبيعة الكهربائية لتلك الظواهر إشارة من نوع آخر، هي آية الواقعة : ص _١٢١


الصفحة التالية
Icon