والذي لا شك فيه عند معشر المسلمين: * أن الرسول لا ينطق عن الهوى. وأنه لا مكان للخطأ فيما يؤثر على أنه دين من قوله وفعله وحكمه وتقريره وكل ما نصح به أمته وشرح به رسالته. * وأنه في سنته رجل ملهم القلب موفق إلى الصواب. ولكن لاشك كذلك أن رسالة الإسلام أساسها القرآن، وأن الأركان المهمة والشرائع التي تناط بها النجاة، والمعاني التي يصح بها الدين، لا تكون أخبار الآحاد وعاءها. إذ لا يمكن أن يرتبط إسلام العالم ومصيره بحديث طريق العلم به رواية واحد عن واحد أو اثنين عن اثنين، إنما يرجع في تقعيد القواعد وتفهم الأصول وأخذ أحكام الإسلام الحساسة إلى الكتاب العزيز، مضمومًا إليه ما تواتر من السنة العملية، فهي شرح لازم له ثم يجيء بعد ذلك دور السنن الأخرى إن شاء مزيدًا من الفقه والتوسع. وكما يقوم هذا الفرق المعنوي بين الكتاب والسنة من ناحية " العرض " المكاني يقوم من ناحية " الطول " الزماني. فإن القرآن قد ضمن له الخلود وكتب له بقاء لا يناوش ولا ينال :" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ". ومنذ نزل، إلى يوم الناس هذا، وإلى أن تحصد الحياة وينقلب البشر إلى الله، لم تسقط من الكتاب العزيز آية واحدة، ولا استطاعت جملة من الجمل البشرية أن تلبس شارة الوحي، وتختلط بالقرآن على أنها آية منه، كلا كلا لا زيادة ولا نقص، ولا تصحيف ولا تحريف، بل لا محاولة ألبتة لشيء من ذلك، إن وساوس الشياطين انقطعت دون أن ينفتح لها مجال إلى ذلك الأفق العالي. وإن ما تسمعه الآن من القرآن هو امتداد الصوت الأول. صوت ملك الوحي النازل به من السماء. واتصال نبراته إلى مسامعنا ومسامع الصحابة الأولين، سواء بسواء...!! أما أحاديث الرسول، فقد نهض علماء المسلمين إلى حياطتها وذود الدخيل عليها ص _١٥٢


الصفحة التالية
Icon