ذلك فتحًا لباب الاستغلال المالي على مصراعيه بحيث يدخل أشد أنواع الربا فداحة وإفراطًا.. ص _١٧٢
هكذا كان هذا النص المنسوب للقانون الموسوي سببًا فيما ترى ـ أو جزءًا كبيرًا من السبب ـ لا في بقاء التعامل بالربا في العالم إلى اليوم فحسب، بل في تهوين أمره على كثير من النفوس واتخاذهم إياه أمرًا مشروعًا في بعض الأحوال. ومهما يكن من أمر، فقد اعتاد العرب في عصور الوثنية أن يقترضوا بالربا من اليهود وأن يتقارضوا به فيما بينهم، دون أن يجدوا فيه حرجًا ولا غضاضة. واتسعت دائرة المعاملات الربوية، حتى أصبحت في الكيان الاقتصادي العالمي أشبه بالجهاز الدوري القائم على توزيع الدم في الجسم يدفعه إلى جميع العروق والشعيرات. لقد انتقل الربا من معاملة فردية، إلى معاملة اجتماعية، إلى معاملة حكومية، إلى معاملة عالمية، وبلغ قمته في المؤسستين التابعتين لهيئة الأمم المتحدة " البنك الدولي " و " صندوق النقد الدولي ".. ووظيفة هاتين المؤسستين إقراض المال بالربا للمحتاجين إليه، فأما الصندوق الدولي فيقرضه بعملات الدول الأجنبية للحكومة التي تضطر إلى الاستدانة، ما دامت عضوًا في إدارة الصندوق. وأما البنك فيقرض المال لأعضائه ولغير أعضائه بأية عملة تطلب، والمهم ضمان استرداد الدين ومعه الربا المقرر. والمتأمل في عمل هاتين المؤسستين يجد الغرض من إنشائهما دعم السيطرة الاستعمارية على العالم وتمكين " أمريكا لما وهي حامية التبشير المسيحي في العالم أجمع، و" إنجلترا " وهي حامية البروتستانتية، و"فرنسا" وهي حامية الكاثوليكية، تمكين هذه الدول من استغلال الشرق الإسلامي وأمثاله من الأقطار المستضعفة!! وهو استغلال تتغاضى الكنائس كلها عن آثامه، بل لا نتجاوز الحق إذا قلنا: إنه بين سمعها وبصرها، وبرضًا منها، و إيعاز وإعجاب..!! وهكذا سار أهل الكتاب في انحراف بين عن هدايات الله، وعوج غريب عن تعاليم السماء: رذائل تفشو في مجتمعاتهم،


الصفحة التالية
Icon