وأساس فشوها أن الله حابى البعض وآثرهم على غيرهم من خلقه، واغتفر لهم ما يصنعون!!. أو قتل ابنه " الوحيد " كفارة عما يصنع الآخرون، وتطهيرًا لذنوبهم، فهم مهما فعلوا مقبولون مبرورون!!. ص _١٧٣
ويقوم ذلك العصيان الفاشي إما على إهدار لنصوص لا تزال باقية في صحائفهم، وإما على زحزحة الأصول الثابتة للإيمان والسلوك. واستجلاب عقائد دخيلة تحل محلها وتملأ موضعها، وتكون هذه العقائد المفتراة سنادًا لجحد الله، وإهمال حقوقه، وسوء معاملته. وقد أشار القرآن الكريم إلى الأمرين معًا. "يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم". "سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه". وطوال السور في القرآن تعرضت بتفصيل مسهب لأحوال القوم، وكشفت عن خبايا أنفسهم، وكيف انفلتت العقائد الصحيحة من بين أيديهم، ثم كيف انتشرت الأهواء في أحكامهم وأفهامهم. وما زال الزمن يمر، والشر ينمو، حتى جاء على الناس عصر توارت فيه الحقائق الإلهية والإنسانية، وسيطرت فيه الغرائز الدنيا، وارتكست الجماعة البشرية كلها. فلم يبق بد أن تجيء رحمة الله لتكشف النقاب عن الحق المحتجب. وتمزق الإفك الذي أخفى وجهه. لم يبق بد من أن تجيء رحمة الله لتحسن الحسن وتقبح القبح، وتبني الأمم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وتطارد في أرجائها مقابح الربا والزنا والشذوذ والعربدة والكهانة والاستعباد. ولم يبق بد من نزول القرآن الكريم ومجيء محمد بن عبد الله: " وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ". ولم يبق بد من ظهور الإسلام، وبزوغ فجره، بعد ليل طال على الأرض مداه. ص _١٧٤


الصفحة التالية
Icon