المباهلة؟ قد نكون على خطأ فتحيق بنا اللعنة، لندعه وشأنه ولنعد إلى ديننا. ص _١٨٣
ونحن نستغرب هذا التصرف، ونرى سيرة نفر آخر من الأميين أفضل منه، ونعود إلي المؤلف الفرنسي " كلودبر نار " ننقل عنه هذه الكلمات: ، وكثيرًا ما قيل إن من الواجب أن يكون المرء جاهلاً كي يستطيع أن يكشف عن الحقائق ". وهذا الرأي وإن كان فاسدًا في ذاته يتضمن كثيرًا من الحق. " فخير للمرء أن يكون رجلاً لا يعرف شيئًا من أن تكون بذهنه أفكار تلازمه وتستبد به مستندة إلى نظريات يعمل دائمًا على تأييدها بإهمال كل ما لا يتفق معها.!! وهذا الميل من أسوأ الميول لأنه يقف في سبيل الاختراع، والواقع أن الكشف بوجه عام ليس إلا علاقة غير متوقعة لا وجود لها في النظرية القديمة وإلا كانت متوقعة. والجاهل الذي لا يعرف النظرية تفضل ظروفه الذهنية في هذه الحال ظروف الذي يعرفها. ذلك أن النظرية لا تعوقه ولا تؤذيه ولا تمنعه أن يرى حقائق جديدة لا يراها من يحصر تفكيره في نظرية واحدة دون غيرها. ولنبادر إلى القول بأننا لا نقصد هنا أن نجعل من الجهل مبدأ كلام، إن المرء كلما زاد علمه وكثرت معارفه السابقة زاد ذهنه استعدادًا لكشف أشياء ذات خطر ونفع، بيد أنه ينبغي له أن يحتفظ بذهنه حرًّا كما سبق القول، وأن يؤمن أن ما هو مستحيل عقليًّا بحسب نظرياتنا، ليس دائمًا مستحيلاً في الطبيعة. وليس الذين يسرفون في الإيمان بنظرياتهم، أو أفكارهم فاقدي الاستعداد للكشف عن الحقائق فحسب، بل إن ملاحظاتهم أيضًا فاسدة كل الفساد. ذلك بإنهم يلاحظون وفي عقولهم بالضرورة فكرة سبق لهم تصورها.. فإذا أجروا تجربة ما أبوا أن يروا نتائجها إلا تأييدًا لنظرياتهم، وهم بهذا يشوهون الملاحظة ويهملون كثيرًا من الوقائع الهامة لا لشيء إلا لأنها لا تساهم فيما تؤدي إلى ما يسعون إليه من غايات. وهذا ما حدا بنا إلى أن نقول في مكان آخر: إنه لا ينبغي قط أن تجرى التجارب لتأييد أفكارنا، بل


الصفحة التالية
Icon