" ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ". " ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ". " يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون * يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ". وكلما تتابعت الليالي زاد القوم ضراوة في خصومة الإسلام وأهله، ولفحت الحرب ضد الحقيقة التي تجهم لها اليهود والنصارى أولاً، ثم أبوا الاعتراف بها أو مهادنة حملتها يومًا... والواقع المؤسف أن القتال حين نشب بين المسلمين وأهل الكتاب، كان أولئك قد بلغوا في جحدهم للقرآن بل جحدهم للوحي كله، قديمه وحديثه، منزلة سحيقة القرار. فما كان اليهود يعرفون موسى، أو يقيمون شرائع الحلال والحرام التي جاء بها. ولا كان النصارى يعرفون عيسى أو يتقيدون بأحكام الله التي نادى بها. كلا. لقد حالوا خلقًا آخر، ولقد استشرت بهم العداوة استشراء جعل الأمر الإلهي ينزل بهذه الحدة البالغة :" قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ". ولو أن القوم صدقوا عن أنفسهم فقط واتبعوا موسى وعيسى وحدهما- ولو في حدود ما لديهم- ما ضاق الإسلام بمعاشرتهم. ولا انتضى السيف لمحاربتهم، بل لتركهم وما يدينون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ومن أهل الكتاب من ارتضى هذا المسلك الطيب، فعاش موفورًا يلقى من المسلمين ما أمر الله به من قسط وبر، لكن الكثرة أبت ذلك. وها قد مرت أربعة عشر قرنًا على ظهور الإسلام ونزول كتابه فهل تغير الموقف قليلاً أو كثيرًا.. ؟ ص _١٨٧


الصفحة التالية
Icon