إن أوروبا وأمريكا لا تزالان على الجفاء الأول أو على شر منه. وسياستهما تقوم على حرق الإسلام واستئصال الشعوب المؤمنة به، وهما لا تفتآن تنفخان في النار كلما خبا ضرامها، كي تشبعا نوازع التعصب ضد هذا الدين المضطهد المطارد. * * * تعصب ضد الإسلام: كان سير الحياة أنشط من سير الأديان المختلفة. وكانت حركاتها أوسع من دوائر الخصومة التي استنفدت جهد الأتباع وشغلت بعضهم بالبعض الآخر. ومنذ قرون والعمل الإنساني البحت في ميدان الفكر والعاطفة يغرس ويحصد ويؤسس ويمتد ويخاطر وينجح، حتى بلغ في العصر الأخير مرتبة من التفوق والغلبة تستحق الدهشة !!.. وتأخر أهل الأديان أو فشلهم في قيادة الحياة يرجع إلى أسباب ضافية الذيول. ونحن الذين نحاول إنصاف الحقيقة دائمًا، نحب أن ننصفها من أنفسنا مثلما ننصفها من غيرنا. إن الهزائم الفكرية والنفسية التي تلاحقت على الإسلام من عدة أجيال لم يكن منها بد، ولم يكن المسلمون طوال هذه الفترة الطويلة أهلاً لغلب.. لقد أحاطت فتوحهم " بأوروبا " واستولوا على أقطار شاسعة من شرقها وغربها. فماذا صنعوا؟!.. ماذا صنع الترك في البلقان؟! وماذا صنع العرب في الأندلس؟؟! فشل هؤلاء وأولئك في إقناع الجماهير المشدوهة أن محمدًا رحمة للعالمين! فشلوا في استثارة أشواق الأمم الضخمة إلى قبول الإسلام عن حماس ورغبة!. كانت أجهزة الدعاية الإسلامية القائمة على البصر والعلم قد تعطلت في ظل ولاة جورة، وملوك فسقة، فانحسر الإسلام عن الأندلس، بعدما أفسد الترف الخاصة والعامة، وبعدما أنشئت فيها بحيرات من المسك على شطآنها أوحال من العنبر.. وتراجع الإسلام في أوروبا الشرقية، لأن الحكم العسكري التركي لم يستطع قط إنشاء قواعد شعبية له، وأنى له ذلك وهو يحتقر العربية، لغة التعلم والتعليم والدعوة الإسلامية؟!! ص _١٨٨


الصفحة التالية
Icon