وأهدر دمه فداء لخطيئة آدم وحواء. ص _١٨٩
ولما كانت المرأة هي السبب في هذه الخطيئة فقد عدت شرًّا، ثم وضع كل الناس في مستوى خطيئتها، وكان من الخطيئات الكبرى أن يعني الإنسان بجسمه من جراء اللعنة التي نزلت به وأنكر على الناس المصالح الزمنية لأن الدين لا يعني بشىء، اللهم إلا المصالح الروحية، وأهمل الجسم باعتباره شيئًا غير طاهر... ". ".. وأجهد الناس أنفسهم كي يحصلوا على سعادة الروح. فوقعت الأجسام فريسة القذارة والفقر، إذ كانا من الدلائل الثابتة على الطيبة وحب الخير، وكان يخشى من الاستحمام لئلا تزول عن الجسم مياه المعمودية. ولقد حظرت الكنيسة في أسبانيا غسل الجسم ومنعته بتاتًا. وفي سنة ٤٦٧ ميلادية هدم الكردينال " سبينوزا " الحمامات العمومية التي كان العرب قد بنوها في أسبانيا، إنك لتجد أثر ذلك في بلاد الحبشة حتى الآن، إذ يمتنع الناس عن الاستحمام لئلا يتمثلوا بالمسلمين. ويعتبرون أن هذا ليس من حاجات النصرانية، ولكن الإنسانية لحسن الحظ لم تفن من نفوس الناس تمامًا بما أقام القديس بولس في سبيلها من العوائق. ففي زماننا هذا تحررت الإنسانية تمامًا من استبداد النصرانية التي اعتبرها " نيتشه " السبب الأول في الانحطاط والخراب والسقوط. ولقد أخذت الإنسانية تعود الآن مرة أخرى إلى مدنية اليونان ومدنية الرومان. وأخذت العقول تستيقظ من طويل سباتها وتستفيق من غطيط القرون الوسطى، وشرعت تتطلع إلى الحرية التي كانت لها قبل أن تغشى عليها النصرانية بأغشيتها الثقيلة ". نعم.. إن العالم الآن يتلمس طريقة إلى مستقبل خطير، وقد أفاد كثيرًا من تجاربه الحلوة والمرة، وعلى ضوء خافت أو لهب لاسع من آلام الماضي، وضع طائفة من المبادئ التي يصح الرجوع إليها في كل شجار.. هناك حقوق النسان، وإقرار السلام، وتقرير المصير، والمساواة بين أجناس البشر، وإشاعة العدالة الاجتماعية والسياسة... الخ. وهذه كلمات نضجت بها سلامة الفطرة،


الصفحة التالية
Icon