ونحن نقول: هذا حسن. فإن الكلمات التي دونت بهذه الديباجة تشتمل على نيات طيبة، وأهداف نبيلة، واتجاهات رائعة. وما يملك أحد إلا أن يرجو التوفيق لكل من يعمل في هذا الحقل، منتظرًا للإنسانية جمعاء أشهى الثمرات منه. ثم إن هذه الكلمات نتاج مشترك لأهل الأرض على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، فليس يلمح فيها انحياز لدين من الأديان، ولا تعصب ضد جنس من الأجناس. بل المفروض أن العالم الذي شقي بالخلاف المرير. والمظالم المتبادلة، سوف يسد الطريق دون عودتها، وسوف يتيح فرصًا متساوية للمسلمين والنصارى واليهود، وللسود والبيض والصفر كي يحيوا جميعًا في ظل عدالة موطدة الأركان، وأخوة سامقة البنيان.. غير أن هذا الأمل لم يلبث أن هددته زعازع هوج، ثم بدا للعين المجردة أن الضغائن القديمة ضد بعض الأديان والأجناس لم تفارق أصحابها منذ أول لحظة خط فيها ميثاق الأمم المتحدة...! وكانت اللغة العربية أول ضحية قدمها واضعو الميثاق إجابة لهذه الأحقاد. فهذه اللغة لا تعتبر أهلاً لأن تسلك مع اللغات الحية التي كتب بها. لقد وضع النص الأصلي لهذا الميثاق بلغات خمس هي الصينية والفرنسية والروسية والإنجليزية، والأسبانية هي لغاته الرسمية على وجه سواء. أما الترجمة التي قرأتها فهي من وضع الحكومة المصرية. وقد نشرتها إدارة الأنباء بالأمانة العامة للأمم المتحدة بتصريح منها.. وغريب أن ننسى هذه اللغة العظيمة، وهي اللسان الرسمي لدين له أتباع يزحمون العالم. وكان من الممكن في غمرة التفاؤل الذي خامر القلوب نحو مستقبل هذه الهيئة أن نغالط أنفسنا، وأن نقول: هو نسيان عارض. لا تناس متعمد معيب... لكن الأحداث التي جدت بعد ذلك، دلت على أن هناك إعدادًا منسقًا مرسومًا لإماتة العربية والعرب جميعًا، أو بكلمة أصرح إماتة الإسلام والمسلمين أجمعين... وفي نوبة من نوبات الختل والبغضاء، تنفس اللدد الخبيء في الصدور، فإذا هيئة الأمم المتحدة تتخذ قرارًا يشطر العالم


الصفحة التالية
Icon