ص _٠٢١
والحقيقة لا تتغير وإن تغيرت الأزمنة والأمكنة، وما هو ثابت في نفسه يستوي في ضرورة العلم به، أن يكون عند بدء الخلق، أو عند قيام الساعة.. والإسلام جملة من الحقائق التي تتعلق بالعقيدة، وبالفكر، وبالخلق. وبصلات الناس بعضهم ببعض، أو صلاتهم جميعًا بالخالق ـ جل وعلا. ولو أن ديننا نزل إلى الناس في هذه الأعصار أكنت تحسبه ينقض مبدأ التوحيد في العقيدة ؟ أو مبدأ الأخوة في المجتمع؟ أو مبدأ التعارف بين الأمم؟ أو قانون العدالة في الأحكام، والفضيلة في الأخلاق؟ أو الصلاح النفسي الذي لا ضمان له بين عامة الناس إلا بضروب العبادات وصور الطاعات؟ أو تحسبه يعترف بضراوة الشهوة بين الأفراد، وضراوة القوة بين الأمم؟ كلا. كلا! فلو أن محمدًا ـ ﷺ ـ جاء الإنسانية في أمسها القريب أو يومها الحاضر، أو لو أن عشرات النبيين انطلقوا من بعده بين المدائن والقرى مبشرين ومنذرين؛ ما عدوا حدود القرآن في هديهم، ولا تجاوزوا حلوله السمحة في المشاكل التي تعترضهم؛ فإن هذا الدين جعل الله فيه خلاصة للأديان السابقة، وغناء عن الشرائع اللاحقة، نعم، وإن محمدًا صاحب الرسالة العظمى هو أمل العالم في يومه وغده. وكتابه هو الدواء الفذ لما أصاب العالم من دوار، ولما اعترى خطواته من عثار.." ص _٠٢٢


الصفحة التالية
Icon