وإن من الممكن اعتبار دين ما ضد القانون، وتسخير القوى كلها لاعتقال أصحابه وتعكير صفوفهم، وتمزيق شملهم!! لكن ما نتيجة هذا الفهم الضيق؟ نتيجته أن يظل العالم في نزاع دام لا تنطفئ له نار، ولن يسكت فيه على ثأر. فهل هذا ما يريده أهل الكتاب وما يتحملون عقباه؟؟! إن العالم في نظرنا نحن المسلمين يتسمع لعدة أجناس تعيش متعارفة متآلفة ويتسع لعدة أديان تعيش متوادة متراحمة.. ولو أن المسيحي ذهب في عقيدة التثليث ما ذهب، ثم عاشر غيره من الموحدين في نطاق العدالة وحرية الرأي ما قبضنا عنه يدًا ببر وقسط. ولو أن اليهود كما اعتقد في عيسى ومحمد ما اعتقد، ثم كف عن الناس أذاه، ولم يستكثر عليهم حق الحياة ما وجد منا شرًّا قط.. أما أن نكون نحن- مع ما لدينا من شرف الحق وطهر الوحي- غرض المؤامرات والمهاترات، وأما أن تتخذ الوسائل دهرًا بعد دهر للسخف بنا وسومنا سوء العذاب، فذلك ما نأباه أشد الإباء.. إن الفرصة لم تضع بعد.. وأمام الدول المسيحية الكبرى متسع لتصفي استعمارها الآثم في " الجزائر "، و " فلسطين "، و " عمان "، وأوروبا الشرقية والغربية، وجنوب اليمن، وفي أقطار آسيا وأفريقيا، التي طال عليها الليل، واتصل فيها الويل. نعم أمام الخاطئين فرصة لمآب، وملام وعتاب.. وإلى أن يقع هذا.. وما أظنه يقع.. أوصى أهل القرآن أن يكونوا على أهبة دائمة لحراسة دينهم وبلادهم، من الأفاكين والخطافين. ص _١٩٤


الصفحة التالية
Icon