الله، فرد عليهم بأن النسخ داخل ضمن نطاق القدرة، وأن الله ص _٢٠٤
القادر على كل شيء لا يعجزه تبديل حكم بآخر، ثم مضى النظم في تخويف المعترضين وتهديدهم ليقبلوا القول بالنسخ، أو ليقبلوا وقوعه ! " ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ". ونحن نؤكد مرة أخرى، أن سيرة الرسول الكريم لم تشر من قريب أو بعيد إلى معارضة من المشركين، أو تساؤل من المؤمنين حول أمر النسخ " وأن المجتمع الإسلامي الأول لم تنزل فيه آية بتحليل ثم أتت بعدها آية بتحريم، لا في مكة ولا في المدينة، وأنه تبعًا لذلك لم تنزل آية بتخويف أحد كي يقول بالنسخ. والتفسير الذي ذكرناه - مع تفكيكه واضطرابه - يقطع أواصر الآية بما قبلها وما بعدها، بل بجو السورة التي بدأ السياق فيها يناقش أهل الكتاب ويندد بمواقفهم، ويشير إلى تعنتهم في تكذيب محمد، واقتراح خوارق مما ألفوا مع أنبياء بني إسرائيل. فالنسخ هنا ليس تبديلاً جزئيًّا في أحكام شريعة واحدة، بل هو تغيير الدلائل التي تحتف بدين ما كي تركزه في النفوس. وقد بدأ الكلام بأن أهل الكتاب لا يودون للإسلام خيرًا، ولا لأهله فضلاً. ثم أعقبه تساؤل له مغزاه يخاطب اليهود. " أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ". والشرح المقبول للآية ننقله عن الإمام الجليل الشيخ محمد عبده، فقد قال: " والمعنى الصحيح الذي يلتئم مع السياق إلى آخره: أن الآية هنا هي ما يؤيد الله تعالى به الأنبياء من الدلائل على نبوتهم، أي (ما ننسخ من آية) نقيمها دليلاً على نبوة نبي من الأنبياء، أي نزيلها، ونترك تأييد نبي آخر بها، أو ننسها الناس، لطول العهد بما جاء بها، فإننا بما لنا من القدرة الكاملة والتصرف في الملك، نأتي بخير منها من قوة الإقناع، وإثبات النبوة. أو مثلها في ذلك. ص _٢٠٥


الصفحة التالية
Icon