السبب في هذا الإيجاب، والخطاب فيها موجه إلى النبي ﷺ، والنص الثاني دال على أن الرسول كان يقوم بهذا التكليف. وكذلك طائفة من الذين معه، ثم ذكر أن هناك سببًا يقتضي التخفيف عن الأصحاب، وهو علم الله بأن سيكون منهم الأصناف الثلاثة الذين ذكرهم. ومن أجل ذلك كان التكليف مقصورًا على قراءة ما تيسر من القرآن، فإذا كان النص الأول قاصرًا على النبي ﷺ والأصحاب، إنما قاموا بقيام الليل اقتداء به ! والتخفيف قاصر عليهم للأسباب المذكورة، لم يكن النص الأول منسوخًا، بل حكمه باق بالنسبة إلى النبي ﷺ، وهذا رأي ابن عباس، وإن قلنا: إن الأول عام والتخفيف عام كان النص الأول منسوخًا وهو بعيد. ويقرب من ذلك قوله تعالى في سورة المجادلة: " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ". ثم قال في السورة نفسها: " أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ". فالآية الأولى: تحتم تقديم الصدقات بين يدي النجوى، والثانية ترفع لك التحتيم من غير تصريح بالرفع، هذا ما يمكن تطبيقه على الأول وهو إعلام النص اللاحق بإلغاء النص السابق، وقد علمت أن هذه النصوص الثلاثة غير معينة لإفادة النسخ. أما الطريق الثاني: وهو الالتجاء إلى النسخ لوجود نصين متناقضين ولا مجال لتأويل أحدهما، فمن العسير أن نرى في كتاب الله ما هو كذلك، وقد أفضنا القول في بيان الآيات التي قيل: إنها منسوخة وإجابة مانعي ذلك من العلماء في كتابنا الموسوم بـ " أصول الفقه"، فارجع إليه إن شئت، ومن سلف العلماء الذين منعوا أن يكون في القرآن منسوخ " ابن مسلم " الأصفهاني المفسر الكبير، وقد رأينا أقواله في تفسير الرازي : ويظهر من خلال كلام الرازي أنه


الصفحة التالية
Icon