ولا نزال نحن الدعاة إلى الإسلام مطالبين إلى هذا اليوم وإلى ما بعده بإنفاذ قوله- عز وجل-: " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ". وقوله :" فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ". وقوله :" وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل ". وقوله :" فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ". وقوله: " فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر ". وما أشبه ذلك من الآيات التي تملأ فؤاد المسلم بالشعور الصحيح في كل طور من أطوار الدعوة إلى الله، والتي تعلمه مساندة الحق بالثبات والسكينة، وبارتفاع النفس عن المهاترة والتشفي.. إن هذه الآيات ترسم أطرافًا من سياسة الدعوة إلى الله لا يلحقها نسخ ولا يمكن إهمالها حين تبني العلاقات بين المسلمين وغيرهم من أهل الأرض.. ومثلها في الخلود قوله تعالى :" وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ". فقتال العدوان لا يحله الله لأحد من خلقه، ولا يمكن أن ينتصر به حق، ولا أن ينخذل به باطل. والوسائل الشائنة لا تقر بها فضيلة، ولا يتوطد بها إيمان.. وإذا كنا نحتقر هذا اللون من الحروب أيا كان مشعلها، فنحن لا نهمل حق الإيمان في تمسك أصحابه به، وحرصهم على حياته وكرامته. ويستطيع الإنسان أن يموت دون عقيدته في مقام لا تلحقه ريبة، ولا يشتم منه طغيان ولاتحد ولا افتيات... ويستطيع أن يلحق بخصومه أبلغ الأذى، وهو مستمكن من قوته، ومطمئن إلى عقباه... والإسلام يرفض المسلك الأخير، ويستحب المسلك الأول : ص _٢٢٠