" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ". ومبدأ المعايشة السلمية الذي نسمعه الآن في الشرق والغرب، ولا نلمح من ورائه نية صالحة، ليس بدعة ابتكرها عصرنا الحاضر، وإنما هو نبت إسلامي عرف في أرضنا وحدها، وحمله المسلمون إلى الناس هنا وهناك... والصياح به قد يقبل بعد اصطلاح الأم كلها على تحرير الأرقاء وترك المستعمرات لشعوبها المهيضة، وترك الأديان جميعًا تعرض عقائدها وتعاليمها على الضمائر والأذهان دون سدود ولا قيود... أما قبل ذلك، فالرضا عن المظالم لن ينشئ سلامًا. ومعرفة ترتيب النزول كما يفيد في شرح آيات الأحكام، يفيد في شرح كثير من الآيات المتصلة بالنبوة، ومعالم الرسالة... ويمكن أن تتبع على ضوئه حقيقة ما، لنعرف بدءها وسيرها ونماءها. ومن المسائل التي دار حولها الكلام، واختلف في فهمها العلماء: أمر الإعجاز المادي الذي أيد الله به نبيه محمد ﷺ. فالجمهور على أن الله أجرى خوارق مادية على يدي رسوله لتكون أدلة صدقه، إلى جانب المعجزة الكبرى الخالدة، وهي القرآن الكريم. والمحققون على أن الآيات المادية التي وقعت لا تحمل اسم المعجزة، وإنما هي خوارق بثها الله في طريق نبيه، خوارق أكرمه بها، وجعلها مشابهة لما وقع للرسل السابقين، حتى لا يمتازوا عليه بشيء يعجب الجماهير، ويرونه دلالة تفوق. ومع هذه الآيات المادية، فإن الله عز وجل لم يقدمها على القرآن الكريم، بل جعل القرآن المعجزة المنفردة بالسبق والعظمة والخلود. وقد ملنا إلى هذا الرأي وشرحناه في كتبنا الأخرى... ص _٢٢١


الصفحة التالية
Icon