وإنك لتقارن بين صدر هذه السورة وبين ختامها، فيتأكد لديك هذا المعنى إذ أن ختام السورة :" وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون * وما هو إلا ذكر للعالمين ". ولعل من الإشادة بحظ الكتابة في نشر القرآن قول الله عز وجل في أول آيات أنزلت :" اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم ". والذي يعنينا إظهار المدى الواسع الذي انتشرت فيه صحف الوحي؛ فإن القرآن المكتوب كان متداولاً في دائرة رحبة، وكان معروفًا في كثير من البيوت التي يتقن أصحابها الكتابة، وقد شرعت له أحكام فقهية خاصة، منها ألا يمسه جنب وألا يسافر به إلى أرض العدو المحارب مخافة امتهانه، وكان للوحي كتاب مخصوصون، أشبه بالموظفين المنقطعين له يؤدون له واجب التدوين في السفر والإقامة، ويملي عليهم الرسول ما ينزل به الملك، ذاك عدا الذين يكتبون لأنفسهم ما يحفظونه أو ما ينقلونه. فلما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى، كان القرآن كله محفوظًا في الصدور، وكان كذلك مثبتًا في السطور. ص _٠٣٠


الصفحة التالية
Icon