" أولهما : هذا الكتاب - يعني القرآن الكريم " : وسكت قليلاً، ثم اتجه نحو الشرق مشيرًا بيده اليسرى قائلاً ….. وهذه الكعبة.. ". والواقع أن ما ذكره في جلاء وحنق رئيس وزراء إنجلترا كان عامة شعور الاستعمار الغربي نحو القرآن!. ولنعترف بأن الغارة التي شنها علينا الجنس الأبيض الهابط من الشمال قد حققت بعض أهدافها، وأنها أفلحت في خلق طوائف غريبة عن القرآن وثقافته، كما أفلحت في توهين الحفظة، وتحقير شأنهم، وإذلال جانبهم في دنيا الناس. بيد أن الجهاد كر وفر، وما تنسحب عنه من أماكن قد تسترجعه بطول السير ومواصلة العمل، "وتلك الأيام نداولها بين الناس". وأعتقد أننا بدأنا نهضة نرجو أن تعوض ما فاتنا، وأن نستعيد بها خسائرنا الأولى. إن سياسة تحفيظ القرآن بحاجة ماسة إلى مراجعة، كي ما تحقق الغاية النبيلة منها. فنحن نريد بقاء التواتر الذي وصل به هذا القرآن إلينا حتى يصل كذلك إلى الأجيال التي تخلفنا. ولكننا نريد كذلك ألا تلتف حول القرآن هذه الجماهير المتآكلة به، النازلة عن خلقه، المنحرفة عن طريقه، التي تستوعب أحرفه تجويدًا وترتيلاً، ولا تعي من وصاياه شيئًا يرفع رأسها أو يزكي نفسها...!!! إننا نريد إشاعة الثقافة الإسلامية المنبعثة من هذا الكتاب العزيز، وتفقيه العامة والخاصة في روحه وشرائعه ومقاصده وآدابه، ونريد أن تعرف الأمة المنزلة السامية للوحي الإلهي الذي اختصت به، والواجب الكبير الذي يفرضه عليها... ص _٠٠٦