أدوات الكتابة. وكان الغرض من هذا الجمع زيادة التوثق للقرآن وإن كان التعويل إبانئذ كان على الحفظ والاستظهار. ص _٠٣٧
أما الجمع في عهد أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ، فقد كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في صحف مرتب الآيات أيضًا، مقتصرًا فيه على ما لم تنسخ تلاوته. مستوثقًا له بالتواتر والإجماع. وكان الغرض منه تسجيل القرآن وتقييده بالكتابة مجموعًا مرتبًا خشية ذهاب شيء منه بموت حملته وحفاظه... وأما الجمع في عهد عثمان ـ رضي الله عنه ـ فقد كان عبارة عن نقل ما في تلك الصحف في مصحف واحد إمام، واستنساخ مصاحف منه ترسل إلى الآفاق الإسلامية، ملاحظًا فيها تلك المزايا السالف ذكرها مع ترتيب سوره وآياته جميعًا، وكان الغرض منه إطفاء للفتنة التي اشتعلت بين المسلمين حين اختلفوا في قراءة القرآن، وجمع شملهم وتوحيد كلمتهم، والمحافظة على كتاب الله من التغيير والتبديل. " لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم " (٢). إن أدق ما يوصف به عمل أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ أنه إجراء حكومي نحو تسجيل القرآن الكريم، وضم جملة من الجذاذات الجامعة لسوره في حرز تحت يد الدولة. أي أن القرآن كان مجموعًا، متميز السور والمعالم معروف البداية والنهاية، قبل أن يفعل أبو بكر ما فعل... ويظهر أيضًا أن الجذاذات التي تتبعها " زيد " هي التي أثبتها الكتبة بين يدي الرسول ـ ﷺ الله عليه وسلم ـ. أما ما تناقله جمهور الكاتبين لأنفسهم والمصاحف الكثيرة التي دون فيها الوحي كله عند الحفاظ من الصحابة؛ فإن " زيدًا " لم يعرض لها، بل تركها لأصحابها.. والحق أن وصف أبي بكر بأنه الجامع الأول للقرآن، ينطوي على تجوز كبير. وكذلك إسباغ هذا الوصف على " عثمان "؛ لأنه أمر بجمع الأمة على وجه واحد من القراءة.. وقد وردت أحاديث صحيحة، تكشف الغموض والإجمال الكامنين في قصة " زيد بن ثابت " وتكليفه بجمع القرآن، كما رواها البخاري. ص _٠٣٨