ولا معنى لتسمية الشيء بأنه كتاب، وهو غير مكتوب، كما لا معنى لتسميته قرآنًا وهو غير مقروء. وهنا نرى لزامًا علينا أن نعتب على نفر من المشتغلين بالتصانيف العلمية أولع بتلقف روايات الآحاد- التي لا تستقيم مع ما أفاده التواتر من يقين، وشغل نفسه وشغل الناس معه بمناقشتها، مع أنه كان ينبغي رفضها شكلاً قبل رفضها موضوعًا. ولعل الرغبة في تحبير الصحف وملء فراغها هو سر هذا التصرف، كهذا المحرر الذي وجد بقية في جريدته لم تكتب، فاختلق خبرًا عن حريق اندلع في أحد البلاد، ثم عقب عليه بأنه علم- بعد- أن النبأ مكذوب !!!. إن هذا في نظمي هو التفسير المعقول لتصرف رجل يروي عن ابن عباس أن قوله تعالى :" لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها "، " تستأذنوا "، ولكن الكاتب أخطأ فأثبتها " حتى تستأنسوا ". أقرأت هذا السخف؟!! الآية التي تليت في المحاريب والميادين، وترددت في المجالس والمدارس، واستفاض حفظها بين الألوف يجيء " مصنف " مذهول فيروي عن ابن عباس: هذه الخرافة.. ما هذا؟!! وانظر ما كتبه الشيخ أبو شهبة حول هذه الحكاية :" نسبة هذا القول إلى ابن عباس غير صحيحة، وهو لا شك من دس الملاحدة والزنادقة. قال أبو حيان: مَن روى عن ابن عباس أنه قال ذلك فهو طاعن في الإسلام، ملحد في الدين، وابن عباس بريء من هذا القول.. وقال الزمخشري في تفسيره: عن ابن عباس وسعيد بن جبير إنما هو: حتى تستأذنوا، فأخطأ الكاتب، ولا يعول على هذه الرواية. وقال القرطبي في تفسيره بعد ذكر هذا عن ابن عباس وسعيد بن جبير: وهذا غير ص _٠٤٠


الصفحة التالية
Icon