فإن الحديث الصحيح يشترط في متنه خلوه من الشذوذ والعلل القادحة، وإن كان سنده قائمًا. وهذه الروايات انتهت بمتون تخالف المقطوع به، فكيف تقبل، ثم تؤول؟ أو كيف يثبتها الحفاظ ثم يلتمسون لها التفاسير التي تصرفها عن ظاهرها. ؟ الحق أنه كان يجب سد الأسماع عنها. وطي الصحف دونها. وتطهير تاريخنا الثقافي من ذلك اللغو العريض... ولكن علماءنا عفا الله عنهم تساهلوا في الإنصات لها، ثم انشغلوا حينًا بتأويلها وحينًا بتزييفها...! والتساهل في سماع هذه المرويات هو الذي أعطى مادة الجدل والافتراء لعصابات المبشرين والمستشرقين. وهو الذي فتح باب الشبه لقصار العقول، أو مغشوشي الضمائر. ونحن وحدنا المسئولون... وقد يعتذر لمسلك الأقدمين بأن الطبيعة العقلية للإسلام والحرية الهائلة التي صاحبت مسيرته هما سر هذا الأخذ والرد، والقبول والرفض، وترك هذا الحشد الكثيف من المعقولات والمنقولات يمرح ويتلاطم.. وهيهات أن يعتكر وجه الحق لهذا كله أو لشيء منه، فإن الأسوار التي تحيط بالقرآن من المناعة بحيث لا ينال منها وهم واهم. وطمأنينة الأقدمين إلى هذه المناعة هي التي جعلتهم لا يبالون باستقبال الشبهات، وتدوين شتى المرويات... ومع قيمة هذا الاعتذار فإني أود لو غربلنا تراثنا العلمي حتى ينقى من هذه الترهات. ص _٠٤٢