نقلناها، ولم يكن واحد من هذه الأناجيل قد وجد ص _٠٤٤
في عهده بالاتفاق، وليس من المعقول أن يعظ بأقوال تلاميذه، وهم بعد لا يزالون في دور التعليم، ولأن هذا الإنجيل قد ذكر في هذه الأناجيل على أنه كان قائمًا في عهد عيسى؛ لأنه ذكر من غير نسبة كما في إنجيل (مرقص) ورسالة (بولس) الأولى إلى أهل (كورنثوس)، وليس واحد من هذه الأربعة منصرف إليه كلمة إنجيل من غير نسبته إلى صاحبه؛ لأنه ذكر في رسالة (بولس) إلى أهل رومية منسوبًا إلى المسيح الابن، وليس واحد من هذه الأناجيل يستحق هذا الاسم.. لهذا كله نقول: ليس هذا الإنجيل واحدًا منها كما تقضي بذلك طبيعة السياق، وكما يقضي بذلك العقل. وإذا كان الأمر كذلك؛ فهل لنا أن نفهم أن هناك إنجيلاً أصيلاً نزل على عيسى، وكرز به على حد تعبيرهم. ويعتبر الأصل لهذه الديانة ؟.. ). نقول: والمسلم في غير احتياج إلى هذا الاستدلال كي يصدق بإنجيل عيسى عليه السلام، فنحن نؤمن بذلك الكتاب، وإن لم نقف له على أثر... وقد يكون المسيحي أولى بإتمام النظر في هذا الاستعراض التاريخي، ليعرف الحقيقة كاملة وما يقال في الإنجيل الموحى به. يقال كذلك في التوراة، على اختلاف في التفصيل والتمثيل، فإذن الأمر منتهٍ حتمًا بالنتيجة السابقة... والواقع أنه ليس في العالم الآن كتاب تصح نسبته إلى الله، وتتقدم الدعوى به محفوظة بآلاف الأدلة، وتسطع حقيقته في الأذهان سطوع الضحوة الكبرى في الأبصار... إلا هذا القرآن الكريم... إنه وحده صوت السماء، ووديعة الملأ الأعلى وكلام الله الذي :" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ". لكن يبقى بعد ذلك أن مؤلفي الأناجيل، رووا فيها تعاليم شتى، نطق بها نبي الله، وكلام الأنبياء له قيمته، وإذا كانت هذه المرويات لا تقارن بالقرآن مثلاً، فلم لا تقارن بالأحاديث النبوية؟ وهذا تساؤل حقيق بالإجابة. ص _٠٤٥