وروى ابن ماجة عن خالد بن عمرو القرشي الأموي السعيدي عن سفيان الثوري عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي، قال: جاء رجل إلى النبي - ﷺ - وقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس. فقال: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس. قال العلماء: الحديث ضعيف ـ وإن لطف معناه ـ لم؟!، لأن خالدًا الراوي الأول، رجل متهم متروك الحديث!! فماذا تكون عليه الحال إذا كان " بولس " الراوية الكبير في النصرانية، رجلاً متهمًا ؟!!. وإذا كان " متَّى " نفسه قد التحق بوظيفة محصل ضرائب للرومان الظلمة؟!. هذه الأوصاف والأعمال، تجعل صاحبها في نظر النقاد المسلمين غير مأمون الرواية!!!. ثم لنفرض جدلاً أن الأسانيد فوق الشبه وأن المتون لا غبار عليها. وأن الأحاديث بعد ذلك صحيحة، لا يسوغ ردها، فما نتيجة هذا الفرض؟ إن الأحاديث الصحيحة لا تفيد أكثر من الظن العلمي، وأصول الأديان من عقائد وأحكام، وقواعد وشعائر، لا تقبل إلا من مصدر يقيني، أي من مصدر متواتر مكين. والمسلمون لا يعرفون هذه المنزلة إلا للقرآن الكريم؛ لأنه جملة وتفصيلاً متواتر بخلاف السنة. إن التراث الأدبي في الأناجيل الكنسية، إذا قيس بما يشابهه عندنا، لم يحرز تقديرًا يذكر، فإننا نحن المسلمين بلغنا في ضبط النقول مدى أربى على الغاية وانقطعت دونه الظنون. ولنعد إلى الافتراض المجرد... هب أن ذلك التراث كله أشبه حديثًا صحيحًا من الأحاديث التي تنسب لمحمد ـ ﷺ ـ. إن المسلم قد تقوم في نفسه دلائل شتى تجعله يؤخر هذا الحديث أمام تلك الدلائل، بل قد تجعله يرد ذلك الحديث، ومع ذلك لا يوصم بكفر أو فسوق، وإن وصف بالخطأ. ص _٠٤٧