ذلك أن أركان الدين لا تستمد من أخبار الآحاد وإن صحت. فكيف تكون الحال إذا كانت دعائم النصرانية لا تقوم إلا على أخبار الآحاد! وأي آحاد؟ آحاد في أسلوب روايتهم متسع لترويج الشائعات، وتصديق الخرافات.. وفي تسلسل الرواية عنهم. فجوات وفجوات!. خذ مثلاً إنجيل " متَّى "، إن الرجل كتب سيرة عيسى بن مريم- التي تسمى خطئًا- أو مجازًا- إنجيل " متَّى " بالعبرانية أو السريانية. والنسخة المكتوبة بهذه اللغة أو تلك لا تعرف. وإنما توجد نسخة باليونانية، وهي أقدم ما عرف من ذلك الإنجيل. أين الأصل الأول؟ من الذي ترجمه؟ من كتب الأصل؟ ومتى تمت الترجمة؟ ليست هناك إجابات على هذه الأسئلة..!! الباحث الحرفي حل من حجب ثقته عن مثل هذا الكتاب، من ناحية سنده التاريخي، فلننتقل إلى المتن نفسه، بعدما عرفنا قيمة السند. قال الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة: " لقد اشتمل بعض هذه الكتب على أخبار لو صحت لكانت معلومة مشهورة في التاريخ. يعرفها الخاص والعام، ولدونتها كتب التاريخ على أنها حوادث مفردة عجيبة في الدهر، ولكن لم يرد لها ذكر في التاريخ، ولم يعرف الناس أمرها إلا من تلك الكتب. هذا، متَّى " يقول عند صلب المسيح وقيامته " فصرخ يسوع بصوت عظيم، وأسلم الروح، وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت، والصخور تشققت، والقبور تفتحت، وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة، وظهروا لكثيرين. وأما قائد المائة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان خافوا جدًّا وقالوا: حقًّا كان هذا ابن الله ". وهذه حادثة عظيمة لو صحت لدونها التاريخ العام الذي لم يشر إلى المسيح بكلمة. ولو صحت أيضًا لآمن أهل الرومان واليهود، أو آمن نفر منهم. الصخور تنشق، والأرض تزلزل، والأموات ينشرون، ويسيرون على الأرض، ويراهم الكثيرون، ويبقى بعد ذلك مساغ لإنكار!! ومع هذا لم ترد أخبار


الصفحة التالية
Icon