لمن يقول الله عزوجل؟ :" والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون * وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " أهذا الخطاب للناس جميعًا دوننا؟! إنني أضحك دهشًا إذ أرى البقر الهولندي بل الدجاج الإنجليزي أفضل من مثيله في بلادنا، وإذ أرى الأرض تلفظ مكنونها لأحباس الناس فيغنون منه ويستغنون به، أما نحن فنفتقر إلى المعونات، يمدنا بها هؤلاء تارة، وأولئك تارة أخرى... ما هذا المنكر وما هذا العطل؟؟! وبم اشتغلنا عن هذه الوظائف العمرانية الخطيرة؟!! اشتغلنا بفنون من السخافات... إن غلبة الجهل واتباع الشهوات هما سر ذلك البلاء الحائق. ومن مفارقات الأقدار أن " الروس " عندما طيروا قمرهم الصناعي كان المسلمون في مصر، وفيما حول مصر مشغولين بأغنية من أغاني السكك تتغزل في القمر الذي على الباب، أو بتعبير بلدي، بالذكر الذي على الباب ترقبه أنثى كواها الحرمان.! وبديهي أن استغلال الكون يخضع لعلوم كثيرة، ومعارف غفيرة. ولقد اخترع المسلمون القدامى علوم القواعد والبلاغة لخدمة القرآن الكريم ولو أن العقلية التي اخترعت هذه العلوم لخدمة لغة القرآن، واكتشاف إعجازه بقيت إلى يوم الناس هذا، وانتقلت من السلف إلى الخلف؛ لكانت علوم الكيمياء والنبات والحيوان والآلات علومًا دينية، أدنى صلة بالإسلام من علوم النحو والصرف، والمعاني والبيان والبديع..! ولكن قومي عزهم سفهاؤهم على الرأي، حتى ليس للرأي حامل تظوهر بالعدوان، واختيل بالغنى وشورك في الرأي الرجال الأماثل ص _٠٦٢