هذا القرآن ما كان الله ليخلق الناس عبثًا، ولا ليتركهم في هذه الأرض سدى. والراشد من يعرف حكمة وجوده، ويسير في الحياة على بصيرة من أمره. حتى يخلف هذه الدنيا وراءه دون أن يذل أو يخزى. ومن قديم دارت في الخواطر وعلى الألسنة هذه الأسئلة: من أين جئنا؟ وكيف نعيش؟ وإلى أين المصير؟. إن الكثيرين لم يهتموا بأية إجابة على هذا التساؤل المتتابع، وخرجوا من الدنيا كما دخلوا فيها، لا يعقلون شيئًا.!! وبعض الناس أجهد نفسه في البحث وراء الحقيقة، وقضى أغلب عمره وهو يطلبها ولا يبلغها، أو لعله انتهى إلى قرار يظنه ما يبغي.. مع أن بينه وبين الحق ألف ميل !. وقليل أولئك الذين وصلوا إلى أطراف من الحق، ثم تشبثوا بها، واستراحوا إليها... لكن الله لا يترك عباده لهذه الحيرة، وهو أبر بهم، وأحنى عليهم من أن يدعهم يعتسفون الطرق إليه، أو تتعثر جمهرتهم فلا تكاد تهتدي إلى الصراط المستقيم. من أجل ذلك بعث المرسلين يحملون للناس الحق الواضح. ويشرحون لهم سبيله في غير غموض أو تعقيد، ويوفرون على الأذكياء والأغبياء عشرات السنين قد يقضونها في تعرف سر الحياة، فإما شردوا، وإما انقطعوا، وإما أدرك لمعًا من الحق نفر لا يعدون... نعم، منذ وجد في الحياة من يفهم الخطاب، بعث الله من يعرف به، ويشرح مراده من خلقه، ويذكر بالمصير الذي سوف ينتهي إليه العالم، ويبشر المتقين بالخير، وينذر الفجار بالشر !!. ومن ثم يقول الله لنبيه محمد ـ ﷺ :" إن أنت إلا نذير * إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ". والقرآن الكريم هو صوت الحق الذي قامت به السموات والأرض!! ص _٠٠٩


الصفحة التالية
Icon