ومعانيه هي الأشعة التي تألق فيها الوحي الأعلى، وتعرض لها الأولون والآخرون، واستطاعوا بها ـ إن شاءوا ـ أن يعرفوا : من أين جاءوا ؟. وكيف يحيون؟ وأين يصيرون ؟ صحيح أن القرآن الكريم لم ينزل إلا منذ أربعة عشر قرنًا، بيد أن معانيه قديمة جديدة. ففيها خلاصة كاملة للرسالات الأولى، وللنصائح التي بذلت للإنسانية من فجر وجودها، فالقرآن ملتقى رائع للحكم البالغة التي قرعت أذان الأمم في شتى العصور، واستعراض دقيق للأشفية السماوية التي احتاجت إليها الأرض جيلاً بعد جيل..!! إنه لذلك مجمع الحقائق الثابتة. ومجلي عناية الله بعباده مذ خلقوا، وإلى اليوم، وإلى أن تنفض هذه الدنيا. وإظهارًا لهذا المعنى يقول الله عز وجل وصفًا لبعض عظات القرآن :" إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى ". ويقول بعد سرد لتاريخ الأعم والمرسلين أحصى عددًا كبيرًا منها ومنهم :- " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين * وإنه لفي زبر الأولين ". ويقول: - شارحًا هلاك الأمم البائدة " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أئنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون * بل جاء بالحق وصدق المرسلين " والنبي الذي جاء بهذا الكتاب، يعلم أنه جدد الدين الأول، وأقام ما انهدم من أركانه، وأوضح ما حال من معالمه، ومن ثم يقول: " لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو أن موسى حي ما وسعه إلا اتباعي" نعم.. ولو كان عيسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعه، وكذلك يطرد الحكم مع سائر ص _٠١٠