وأجد من الواجب أن أنقل هنا بحثًا رفيقًا مترفعًا، كتبه الشيخ " محمد جواد مغنية " ردًّا على واحد من أولئك الملاحدة نشر مقالات زعم فيها أن الله لا وجود له وإنما هو فكرة في أذهان المؤمنين به...! وسناد هذا الزعم، العلم، العلم الذي لم يدخل هذا الكاتب جامعة تدرس بحوثه العظيمة، ولا حضر في معمل تعالج فيه التجارب الشاقة، العلم الذي قرأ الحروف الهجائية له في المدارس الإعدادية والثانوية بالقطر المصري، باسم هذا العلم الهزيل يكفر بالله، وينكر محياه.. وقد وجه الأستاذ " مغنية " عدة استفسارات متدرجة الإقناع في أجوبتها وردت على هذا النحو: - السؤال الأول: هل في الكشوف العلمية ما يدل من قريب أو بعيد على عدم وجود الخالق؟! هل هناك عالم واحد اكتشف في مخبره وآلاته وأدواته أن الله غير موجود كما يكشف الطبيب مكروب السل والملاريا في جسم المريض؟! وهل هناك مخترع واحد وضع تصميمه على أساس نظرية الإلحاد، بحيث لو وضعه على أساس الإيمان بالله لفشل التصميم، واستحال أن يتوصل إلى شيء؟.. ثم هل العلماء المكتشفون، والعباقرة المخترعون قديمًا وحديثًا كلهم ملحدون؟! لقد قرأت فيما قرأت أن " أينشتين " قال: " إن بصيرتنا الدينية هي المنبع، وهي الموجه لبصيرتنا العلمية.. " وما نطق " أينشتين " بهذه الحقيقة إلا لأنه بلغ من العالم مبلغًا لم يرق إليه أي عالم مخترع سواه. وإذا صرفنا النظر عن قول هذا العظيم، وقول كثير غيره من العلماء بأنه كلما تابعنا السير في طريق العلم كلما ازددنا إيمانًا بالله والدين، إذا صرفنا النظر عن ذلك كله؛ فلا يمكن بحال أن نصرف النظر عن القول بأن العلم- أي علم التجربة والمشاهدة- لا يتعرض لمسائل الدين سلبًا ولا إيجابًا، فكما أن الطب لا يتدخل في الهندسة وشئونها، كذلك العلم لا يتدخل في شئون الدين نفيًا ولا إثباتًا... إذن لا يصح بوجه من الوجوه أن نستدل بالعلم على فساد الدين ". ص _٠٦٧


الصفحة التالية
Icon