المشاهدة أساسًا لدراستهم، أما الفلاسفة فيعتمدون على العقل والاستنتاج، حيث لا تقع فروضه تحت الرؤية، ولا يمكن إثبات شيء منها بالحس. وهذا ما أوقع " مصطفى محمود " في الاشتباه، ودفعه لإنكار ما يثبته العقل، والاعتراف بما يثبت بالمشاهدة فقط. مع أنه لا فرق بينهما إلا في طريق الإثبات والاستدلال، ولو كان الأمر كما يعتقد الكاتب لما تخصص لمعرفة فرعي الثقافة لكل فريق. ولوجب أن نحرق كتب الفلسفة. وكل ما يبحث عن الكون ونظامه. وصفات الخير والشر والجمال والقبح. لأنها لا ترى بالحس والعيان!. والسؤال الخامس: أثبت علماء هذا العصر أن الأرض قطعة انفصلت من الشمس وأن الحياة فيها وعليها كانت محالاً وغير ممكنة بوجه من الوجوه؛ لأن حرارة سطح الشمس ستة آلاف درجة مئوية. أما باطنها فحرارته أربعون مليون درجة. والحياة لا تبقى فيما هو بالغ الحرارة، أو بالغ البرودة. وبعد أن بردت الأرض كانت رمادًا أو كالرماد الفاقد لجميع وسائل الحياة، إذن الحياة لم تتولد من الشمس ولا من الأرض بعد انفصالها وخمودها، وإنما خلقتها في الجوامد قوة إلهية. وقد يقال بأن الحياة جاءت إلى الأرض من بعض الكواكب الأخرى في شكل جرثومة. وبقيت هذه الجرثومة زمنًا غير محدود تنقلت في الفضاء حتى وصلت إلى الأرض. فنقول: أولاً: من العسير جدًّا عن تلك الجرثومة أن تبقى حية تقاوم الحرارة والكثافة وما إليهما مدة سفرها الشاق الطويل. ثانيًا: نوجه السؤال إلى هذا القائل: من أين جاءت الحياة إلى ذلك الكوكب؟… فإن قال قائل بأن الحياة أوجدت نفسها. أو هي عرض من أعراض المادة. فالنمو والتعقل والتذكر، والحب والبغض، والفرح والحزن، وما إلى ذلك كلها صفات ثانوية تستتبع كون المادة على هيئة خاصة وتركيب خاص. تمامًا كالسير بالنسبة إلى السيارة والتزمير بالنسبة إلى المزمار.. ص _٠٧١


الصفحة التالية
Icon