وسائلهما. وافتنت الجماهير تبعًا للزعماء في إشباع غرائزهم الدنيا، واهتبال فرص الحياة الحاضرة، والذهول عن الله وعن الدار الآخرة... ولئن كان الدين قديمًا يعالج صداعًا ألم بالرءوس؛ إنه اليوم بإزاء سرطان شديد البطش بالأرواح والأبدان. فكيف يتوهم الاستغناء عنه؟! إن المفروض- والحالة هذه- أن يتضاعف التفكير في طرق الانتفاع به ووسائل استغلاله إلى أقصى حد مستطاع، حتى يتغلب الناس بأشفيته على سقامهم...!! لقد كان من رحمة الله بعباده أن بعث إليهم بأنبيائه، وأن تعهد شتى الأعصار والأمصار بما أوتوا من تربية وحكمة. والقرآن الكريم يعتبر كتاب النبوات القديمة كلها، وفي صحائفه المصونة كل ما تنزل به الوحي لهداية البشر. وإقامة مصالحهم في المعاش والمعاد... وهو الوثيقة العلمية الباقية لإثبات نبوة موسى وعيسى وغيرهما. فإن الأسانيد الأخرى لا يعول عليها في وجود أولئك الأنبياء. ولذلك أنكر نفر من مفكري الغرب ثبوتهما، وقال بعضهم: إن عيسى رمز صنعته الأفلاطونية الحديثة لترويج مبادئها! ولو أن القرآن أنكر وجود عيسى لصدقته الألوف المؤلفة، ولرأت نبأه أقرب إلى الواقع مما يروي عنه. بيد أن القرآن الكريم أعلن في وضوح تصديقه لنبوة عيسى. وقص خبر حياته دون غمط وغلو. وذكر كذلك أسماء عدد كبير من الأنبياء الذين تنزل عليهم الوحي وكلفهم الله بالبيان عنه. ثم قال لخاتم المرسلين محمد بن عبد الله - ﷺ - : إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا * ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما * رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ". ص _٠٧٦


الصفحة التالية
Icon