ومن أراد اتباع عيسى فعليه بالقرآن. ومتبع هذا أو ذاك لا يسعه إلا الإيمان بمحمد، وما جاء به محمد ـ ﷺ الله عليه وسلم الله عليه ـ وسلم الله عليه وعلى سائر إخوانه الأنبياء الكرام. وقد جال فريق من الناس في حقائق النبوات، وصدق أصحابها، وشككوا في إمكان الوحي، ونزول الملائكة به. وهذا الفريق لا يكذب بالإسلام وحده، ولكنه يكذب بالأديان كلها، بل هو في خبيثة نفسه وجليتها يكذب بالله الذي خلقه فسواه. والرد على أولئك لا يكون بالبرهنة على إمكان الوحي، وجواز الإرسال، فهذا بالنسبة لهم جهد ضائع.. الأساس أولاً وآخرًا : الاهتمام بالإقرار بالألوهية، فإذا فرغ الحديث من الاستدلال عليها، واطمأنت القلوب إلى ثباتها، فإن الاعتراف بالنبوات عقيبها سهل قريب. أما الذين يعترفون بالألوهية، ويستبعدون أن يبعث الله من لدنه بشرًا يعلم الناس ما جهلوا، زاعمين أن في العقل الكفاية، فهم مخطئون واهمون.. أين هي كفاية العقل في حياة الأفراد وعلاقات الأمم؟!! وكم هي نسبة العقلاء في كل ألف من الناس نعدهم عدًّا؟!! لقد ارتقى العقل كثيرًا في أقطار الغرب، فأباح الربا والزنا، وأقر الفوارق بين ألوان البشر، وحول الاسترقاق الفردي إلى استرقاق جماعي تتساند الدول القوية لتمكين مظالمه، وتخليد مآثمه. نعم، لقد ارتقى العقل كثيرًا فشرع من عند نفسه قوانين محلية ونظمًا عالمية تجاهلت ما نزل من عند الله، فماذا حدث؟! امتلأت الأرض بالفساد.. ودارت الأرض بسكانها كما تدور الخمر بالرءوس حتى ليوشكن أن يكون هذا الرقي العقلي نكسة إنسانية مروعة. إن الأنبياء وحدهم، والمناهج التي خطوها فحسب، هي الصراط الذي تستوي عليه الإنسانية صاعدة إلى الكمال، بعيدة عن مزالق الفتن ومهاوي الخيال، والله بعباده أبصر، وهو عليهم أحنى وأرحم. ص _٠٧٨


الصفحة التالية
Icon