فساد الأمم كما يصوره القرآن الرجل الكبير يحفظ شرفه، ويسفك في صيانته الدم، والمؤمن الحر يحمي عرضه، ويبذل دونه الروح، وقد جاء فى الحديث: " إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرمه الله ". إن الله - عز وجل - يغضب على من يقارف محارمه، وعلى من يستهين بحدوده، فإذا ارتكب أحد معصية، أو أهمل فريضة، فلا تحسبن أنه أتى أمرًا سهلاً! لقد اقترف جريمة يستحق بها العقوبة، وخاصم ملكًا شديد البطش، أليم الأخذ، والشخص العاصي شذوذ في ملكوت يسبح بحمد بارئه، ويخضع لأمره، ونكتة سوداء متمردة في عالم يسجد لله طوعًا أو كرهًا، ويستمد منه حياته وبقاءه، لحظة بعد أخرى. وذلك العوج في الكون المستقيم على أمر الله هو الذي يجعل الأرجاء توشك أن تنقض على العاصي فتخفي رسمه ووسمه. " أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ". ولولا أن رحمه الله تغلب غضبه، وأنه يمهل الخاطئين ليمنحهم فرصة المتاب وينسأ لهم في الأجل، ويمد لهم في الحياة، كي يرجعوا إلى الله بخير يرشحهم لعفوه.. لولا هذا لسلط عليهم عذاب الاستئصال. " ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا". " ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ". ومع هذا الإرجاء، فإن المجرمين قد يواقعون مآسي تستعجل النقمة، فإما أن يسرع الله بعقابهم عدلاً في الحكم، وإصلاحًا للأرض، وإما أن يندرج في إيقاع الجزاء ص _٠٨٨


الصفحة التالية
Icon