الدنيوي بهم، لعل هذه الأخذات المحدودة توقظ ما نام من ضمائرهم، إلى طريق الرشاد مرة أخرى. " أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم ". الأصل أن الخطيئة تفعل أولاً في خفاء واستحياء، ثم تفعل في جفاء وبرود، ثم تولد في المجتمع فتبرز بوجهها الكالح، فإذا وجدت بيئة مواتية استوت على قدميها فتفعل الخطيئة دون تكبر. ثم يشتد عودها وتصلب فتشيع وتنتشر.. ولا تزال دائرتها تنداح حتى تصبح تقليدًا متبعًا، فإذا ظهرت الفضيلة المناوئة لها استكثر حق الحياة والاستقرار عليها. مثلما وقع في قرى المؤتفكة! فإن الرجال الذين استمرأوا الشذوذ الجنسي عز عليهم أن يقوم فيهم ناصح ينهاهم عنه!، وكان صوت هذا الناصح من الغرابة بحيث هدده المجرمون بالرجم إن لم يسكت، فلما أبى إلا إعلان سخطه والبراءة من عملهم تقرر طرده من البلد الفاسق، لأنه متطهر خارج على القانون!!! والبلد الذي تصل فيه الأوضاع إلى هذا الدرك السافل لابد من أن تحل به العقوبة العدل، وما تقوم لأهله عند الله حجة، أو ينهض لهم عذر. إن الإسلام بادي الصرامة في محاربة الرذائل لا يفتر عن مهاجمتها، ولا تنكسر حدته في مطاردتها. على أن الإسلام يفرق بين نوعين من المعاصي: النوع الأول، ذاك الذي ينزلق إليه البشر وهم شبه مغلوبين على إرادتهم وإدراكهم في أوقات الضعف التي تلم أحيانًا بالإنسان فيزل، وما يكاد يسقط حتى ينهض، وما يكاد يحس لذة الهوى حتى تنغصه آلام الندم. ص _٠٨٩


الصفحة التالية
Icon