" وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين * وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون * وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون ". والخوف من الإبقاء على هذه الأمم، سره الحرص على إنشاء أجيال أسلم فطرة وأقوم قيلاً. ولذلك ترى القرآن الكريم يكثر من عرض حياتها وعملها وعقباها، حتى يمكن إيجاد أخلاف أتقى أفئدة، وأزكى مسلكًا، ويقلبها بين صنوف السراء والضراء حتى تعقل وترعوي.. أو ينبت خلالها من يعقل ويرعوي. وكم أخشى على الناشئة التي تنمو الآن في الشرق الإسلامي. إنها تشبه خضراء " الدمن " في حسن منظرها، وسوء مخبرها. وخضراء الدمن تربو على الأقذار كما تربو البهائم الجلالة على التقاط القمامة، فترى شكلها جميلاً، وطعمها مريرًا!! واليوم نبصر أقوامًا شاهت طباعهم يظنون سعة الثقافة في سرعة الإلحاد! وحرية الفكر في هوان الإرادة واستمراء الشهوات، والتقدم المستحب هو البعد عن فرائض الله.. من صلاة وصيام، بل الاندهاش لرؤية المصلين والصوام!! وتسمع أولئك العلوج وهم يتكلمون عن وجوب فتح حانات الخمور وتهيئة صالات العهر، لأن موارد السياحة ستنضب إن لم يقدم للسائحين المسكر الذي يشربون، والمرأة التي يشتهون!!! فتجزم بأنك أمام أمساخ خلق وأنصاف أو أعشار بشر!!!. وقد أسلفنا القول أن بلوغ المعصية هذه المنزلة إيذان بنقمة الله. وإننا لنتشاءم من مستقبل أجيال تحيا وسط هذا الركام الكثيف من سوء الفهم والتوجيه، وما نراها أبدًا تصلح لحمل الأعباء أو مخاصمة الأعداء!! ص _٠٩١


الصفحة التالية
Icon