وتشحذ الهمم، وتغري باقتحام المجهول، والجرأة على الغيوب دون وجل ولا تهيب... والإنسان من غير عقيدة تعمر فؤاده، هذا الإنسان، كم مهمل، وحركة موضعية، إن لم تكن حركة إنسحابية إلى الوراء. والشباب الذي لا عقيدة له، أو الذي يحمل عقيدة منفصلة عن شعوره وعن تفكيره، لا يمكن إلا أن يحيا قلقًا، و إلا أن تمتلكه الحيرة، ويستولي عليه التردد وهو يرمق مستقبله بخور وارتباك!! ولنلق على الموضوع كله نظرة أعمق.. ما هي الأهداف التي تغرسها في الشباب حياتنا العامة؟ استعرض على عجل، ما تنشره الصحف اليومية والأسبوعية. وما يذيعه الراديو على موجاته الطوال والقصار، وما تعرضه السينمات والمسارح. إن هذا الاستعراض السريع يجعلك تحكم على البديهة بأن الأغذية المعنوية التي تقدمها هذه الجهات الثلاث، بعضها تافه غث، لا يسمن ولا يغني من جوع، وبعضها سموم تفتك بالعافية الروحية، وتنتشر في آفاق الشبان ظلالاً سودًا للتحلل والميوعة. إن الدول في كثير من الأحيان توجه اقتصادها لخدمة مصالحها القومية العليا وترسم لذلك سياسة دقيقة تلزم الجميع بتنفيذها والرضا بآثارها.. فهل هناك أدب صحافي موجه، أو فن مسرحي موجه، أو برامج إذاعية موجهة تتضافر كلها على تكوين جيل ناضج مكتمل الوعي، نير الفكر، صلب الإيمان، واضح الهدف، قوي العقيدة ؟؟ إنني أمد بصري اليوم في غير تكلف إلى صحيفة الأهرام فأجد هذا العنوان مكتوبًا على مساحة أربعة أعمدة بخط كبير " ليندا... مازالت تحب نايرون باور "!!. يا لله: أبلغ هوان قرائنا إلى حد العناية بهذا السخف؟!! و إذا فرضنا بعض السفهاء يهتم بذلك النبأ فهل رسالة الصحافة أن تقوم ذلك العوج النفسي أم تنمية. وقل مثل ذلك في الصور العارية والأخبار المثيرة..!! ص _٠٩٣


الصفحة التالية
Icon