إن صحافتنا تنشئ الدنايا إنشاء لتفسد بها الضمائر الساذجة. وهل تتبعت ما يطلبه المستمعون في إذاعتنا؟!. الغريب أن أحدًا من أولئك الطالبين لم يرغب في سماع أغنية قومية كقصيدة فلسطين مثلاً، أو أغنية جادة ذات موضوع نبيل وغاية سامية!!. الزحام كله على الألحان الطرية، والأنغام العليلة، والأصوات الخبيثة التي لا تمل الشكوى من الهجر والخصام!! فهل وظيفة الإذاعة بث الهيام وإقلاق المنام وراء الحبيب المدلل؟!. أليس هناك توجيه أعلى يرفع المستوى النازل، ويحيي في النفوس ملكاتها الطيبة؟؟! ثم ألمح الروايات التي تمثل أحلام الكبت أو التي تجسم وساوها الغريزة، والروايات التي تجعل طريق الفضيلة عسر السلوك مبهم النتائج، أو التي تهون الخيانات وتحلي مذاق الرذائل ". إن عرض هذه الروايات في السينما أو المسرح لا يمكن أن يأتي بخير أبدًا، بل إن الشرور المتولدة عنه فوق الحصر.. والشباب الذي تحاصره هذه العلل كلها قلما تواتيه فرص الإفلات من غوائلها. ومن ثم فهو يعجز حتمًا من تحديد أهدافه ورسم مثله العليا. وهناك خلل آخر في حياتنا العامة.. ندرة المؤسسات الاجتماعية التي تنمي في الشباب نزعات العمل الكريم، وتنفس عن رغبته الكامنة في الامتداد والحركة، وتتلطف في توجيهه إلى الواجب المرتقب منه. نعم، هناك أندية رياضية تقوي الأبدان وتيسر أنواع اللعب وتخلق العضلات المكتنزة. لكن ما جدوى صناعة الأجسام المفتولة إذا لم تملأ هذه الأجسام نفوس مشرقة بالأمل الصحيح. تواقة إلى الكدح في سبيل الله والناس؟! إن إيجاد هذه المؤسسات أمر لا محيص عنه إذا أردنا الخير لأمتنا عامة ولشبابنا خاصة. والآن لنترك ما وراء جدران المدرسة، ولندخل المدرسة نفسها.. ص _٠٩٤


الصفحة التالية
Icon