قصص القرآن كان القصص الحسن من أبرز الأساليب القرآنية في شرح الإسلام وبيان رسالته، ومزج تعاليمه بالقلوب. ولم يكن هذا القصص الواعي المحكم سرًّا مجردًا لبعض الروايات القديمة يتسلى بها السامعون ثم يغفلون عند حكايتها أو يتعظون، لا.. إن هذا القصص كان تاريخًا لسير الدعوة الدينية في الحياة، وكيف خطت مجراها بين الناس منذ فجر الخليقة؟!. وما هي العقبات التي اعترضتها؟ وهل وقفت عندها أو تغلبت عليها؟ وما صنع الأنبياء بإزائها؟ وكيف قبلت الأمم المدعوة رسالات الله أو صدت عنها؟ وبما انتهى الصراع بين الغي والرشد؟؟ والحكمة المنشودة من وراء هذا القصص المترسل المكرر تقرؤها في قوله تعالى: " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ". فالقرآن كتاب الدعوة وتاريخها، وفي تضاعيف السرد التاريخى لأخبار الأولين يزداد عرض الدعوة وضوحًا ويستبين منهجها الذي تحدو البشر إليه، والذي لا يختلف وإن اختلفت العصور وكرت الدهور.. الأنبياء من آدم ونوح، ثم من جاء بعدهم... إلى أن توجوا بخاتمهم محمد بن عبد الله... هؤلاء جميعًا شرحوا أصول العقيدة والخلق والمعاملة شرحًا فياضًا بالصدق، عامرًا بالإخلاص. وإنك لتسمع واحدًا بعد الآخر- فيما سجل القرآن من وصاياهم ونصائحهم و إرشادهم لأممهم، فتجد كلامًا منسقًا وهديًا منسجمًا، صدر عن مشكلة واحدة، وانساق إلى هدف واحد، يمهد أوله لآخره. وتصدق نهاياته بداياته، وكأنهم خطباء فص حفل واحد، اجتمعوا في أمسية موعودة أو ليلة مشهودة، وليسوا رجالاً توزعتهم أكناف القرون المتطاولة، فبين النبي والنبي أعصار وأعصار، وبين الأمة والأمة غبرت قرى وبادت أمصار. ص _٠٩٦


الصفحة التالية
Icon