تلك القوانين التي تدور بين الناس على أساس من الحكم البالغة، والقدر العادل، والإحصاء الدقيق لأحوال البشر، على اختلاف الليل والنهار. والوعظ الناجح لا يكون بمخترعات الأخبار، وإنما يكون بما وقع فعلاً من حسنات وسيئات، وأفراح وأحزان، وهزائم وانتصارات. ولذلك يقول الله لنبيه: " وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ". وقوله: " تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين". إن روح القصص القرآني هو احتواؤه على جملة من سنن الله الكونية هي قيام الأمم وفنائها. وتعلم هذه القوانين الاجتماعية الخالدة يشبه دراسة علوم الكون المختلفة ومعرفة الضوابط التي تحكم علاقات المادة بعضها بالبعض الآخر..! أى أن الأمر لا يمكن إلا أن يكون تقرير حقائق غير قابلة لزيادة أو نقصان. خذ مثلاً قانون الأجسام الطافية، إن القدر الذي ينغمس من جسم ما في الماء، مرتبط أتم الارتباط بوزن هذا الجسم وحجمه. ولو فرض أنه غاص، فإن استقراره في القاع، أو بقاءه معلقًا في جوف المياه خاضع كذلك لهذه الروابط.. ووصف هذه الأحوال ليس فيه مجال لخيال، ولا لأوزان الشعر، ولا للحبكة الروائية عند وضاعي القصة.. ص _١٠١


الصفحة التالية
Icon