الباب الثاني
تعلم القرآن
٩- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :
" خيركم من تعلم القرآن وعلمه ".
رواه البخاري وأبو داؤد والترمذي
هذا الحديث يعضد أحاديث أخرى مثل قوله ﷺ :" العلماء أمناء الله على خلقه " (١). فالعالم الذي يتعلم القرآن ثم يعلمه غيره قد أصبح خليفة لرسول الله ﷺ في إبلاغ وتعليم كتاب الله بل خليفة الله في إبلاغ أوامر الله تعالى لعباده. وهو بذلك يرشدهم إلى خير الدنيا والإخرة فكان خليقا به أن يكون من خير عباد الله تعالى فإن أحب خلق الله إليه أنفعهم لعباده.
وهذا الحديث لا يعارض غيره من الأحاديث التي تحدد خير الناس مثل :" خير الناس أنفعهم للناس " (٢). أو " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " (٣). بل إن هذه الأحاديث كلها يعضد بعضها بعضا في معانيها فخير الناس من تعدى نفعه إلى غيره وفضله على غيره بقدر زيادة فضله على الآخرين.
وتعلم القرآن وتعليمه يحب أن يقصد به وجه الله تعالى وأن يعمل المعلم بالقرآن قبل أن يعلمه غيره لكي لا يكون من الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم. فمن تعلم العلم ليباري به السفهاء أو ليجاري به العلماء أو ليفتخر به ابتغاء المديح والثناء والشهرة أو اكتساب الأموال فليس ذلك من الله في شيء وأولئك حبطت أعمالهم وهم في الآخرة خاسرون. وأما من تعلمه ابتغاء وجه الله فعمل به وعلمه الناس وتلا القرآن تقربا إلى الله تعالى فذلك ممن يرجون ثواب الله والله عنده حسن الثواب.
(٢) رواه القضاعي عن جابر وصححه السيوطي.
(٣) رواه الترمذي عن عائشة وابن ماجة عن ابن عباس وصححه السيوطي.