إن الحث على تعلم القرآن وتعليمه في هذا الحديث يزيد عليه الأمر الصريح الذي ورد في قوله ﷺ " بلغوا عني ولو آية " (١). فكل من تعلم آية هو عالم بها ويقع عليه إبلاغها وعلى المسلم أن لا يحتقر عمله بقلة ثواب إبلاغ الشيء اليسير فلا يجوز احتقار شيء من المعروف مهما كان يسيرا.
١٠ - عن عبد الله بن عمرو (٢) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :
" يقال لصاحب القرآن إقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ".
رواه الترمذي وأبو داؤد
يدخل المؤمنون الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولكن منازلهم في الجنة تتفاوت بحسب أعمالهم ومن ذلك تلاوتهم لكتاب الله وحفظهم له فكلما كان المؤمن أكثر إتقانا لكتاب الله تعالى كلما كانت منزلته أعلى ودرجته أرفع يوم القيامة. ويؤكد هذا الحديث على أهمية ترتيل كتاب الله وتجويده. وسنأتي على تفصيل ذلك فيما بعد.
١١- عن عقبة بن عامر (٣) رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله ﷺ ونحن في الصفة فقال :
" أيكم يحب أن يغدو كل يوم بطحان أو العقيق فيأتي بناقتين كوماوين في غير إثم بالله ولا قطع رحم " فقلنا يا رسول الله كلنا نحب ذلك فقال :" فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل ".
رواه مسلم وأبو داؤد
كان أهل الصفة من أفقر أهل المدينة وكانوا يسكنون في المسجد. فالمثال الذي ضربه رسول الله ﷺ لهم بمقارنة تعلم آية من كتاب الله مع اكتساب ناقة وهي يومئذ شيء كثير،
(٢) هو عبد الله بن عمرو بن العاص من زهاد الصحابة. كان أحد الصحابة القلائل الذي سمح لهم رسول الله ﷺ بكتابة الحديث في حياته وقد أسلم قبل أبيه وتوفي عام ٦٨ هـ بمكة.
(٣) عقبة بن عامر الجهني ولي مصر لمعاوية ثلاث سنين وكان فقيها فاضلا مات سنة ٦٠ هـ.